الحكم بالقسمة يختص بمورد إمكانه
قال المحقق: «وكلّ موضع قضينا فيه بالقسمة، فإنما هو في موضع يمكن فرضها كالأموال دون ما يمتنع، كما إذا تداعى رجلان زوجة»(1).
أقول: قد ذكرنا سابقاً: أن فصل الخصومة بالتنصيف يكون في كلّ مورد أمكن فيه ذلك، قال في (المسالك) إن العبارة توهم اختصاص الحكم بما يقبل القسمة لكنه تجوز بها في إمكان الشركة، ولو عبّر بها كان أولى(2). ومن هنا قال في (الجواهر) مازجاً بالمتن: في موضع يمكن فرضها بإمكان الإشتراك فيه وإن لم يقسم فعلاً كالعبد والأمة، دون ما يمتنع لامتناع الشركة فيه(3).
وكيف كان، فقد ذكرنا سابقاً أنه في كلّ موضع لم يمكن التنصيف ـ كما إذا كان مورد التداعي هو الزوجة ـ فالحكم هو القرعة، ويدل عليه مرسل داود بن أبي يزيد العطار عن الصادق عليه السلام: «في رجل كانت له امرأة، فجاء رجل بشهود فشهدوا أن هذه المرأة امرأة فلان، وجاء آخرون فشهدوا أنها امرأة فلان، فاعتدل الشهود وعدلوا، قال: يقرع بين الشهود فمن خرج اسمه فهو المحق وهو أولى بها»(4) وعمل الأصحاب به جابر لضعفه.
ولم يذكر الإمام عليه السلام فيه اليمين، فيقيّد ـ كما تقدم ـ بما دلّ على أن من خرج اسمه بالقرعة فعليه اليمين، مثل خبر الحلبي الذي يعمّ الأموال وغيرها.
لكن في (المسالك) إنه لا فائدة في الإحلاف بعد القرعة، لأن فائدته القضاء للآخر مع نكوله، وهو منفي هنا(5).
وأجاب في (الجواهر) بقوله: «وفيه: إنه لا مانع منه، وإنما المنفي التنصيف بينهما على تقدير النكول منهما، بل يتّجه فيه انتفاؤها عنهما، نعم، لا تعرض في الخبر لليمين، ولا ينافي إطلاق ثبوتها في غيره، خصوصاً بعد ما عرفت أن القرعة لإثبات الرجحان الذي يتبعه اليمين على حسب الترجيح بالأعدلية والأكثرية،…»(6).
قلت: وما ذكره تام إلا قوله: «بل يتجه فيه انتفاؤها عنهما» الظاهر في أنه مع نكولهما عن اليمين يتجه نفي كونها زوجة لهما، فإنا نقول بأن مقتضى البينتين تحقق العلم الإجمالي بكونها لأحدهما، وإن لم يحصل العلم الإجمالي بكونها بينهما، فلا ريب في إفادتهما نفي كونها لثالث، فلا يجوز تزويجها من ثالث، فلا مناص حينئذ ـ أي في صورة نكولهما ـ عن القرعة مرة ثانية، فيكون من خرج اسمه أولى بها بلا يمين.
قال في (الجواهر): «ومما ذكرنا يظهر لك النظر في كلام الفاضل حيث قال: «فصل: في أسباب الترجيح لحجة على اخرى، وهي ثلاثة: الأول: قوّة الحجة كالشاهدين، والشاهد والمرأتين على الشاهد واليمين، ولو اقترنت اليد بالحجة الضعيفة احتمل تقديمها والتعادل»(7).
ووجه النظر هو ما عرفت من عدم اندراج الشاهد واليمين تحت النصوص، فلا يتحقق التعارض، والترجيح فرع التعارض كما هو واضح.
(1) شرائع الإسلام 4 : 112.
(2) مسالك الأفهام 14 : 92.
(3) جواهر الكلام 40 : 433.
(4) وسائل الشيعة 27 : 252/8 . أبواب كيفية الحكم ، الباب 12.
(5) مسالك الأفهام 14 : 92.
(6) جواهر الكلام 40 : 433.
(7) جواهر الكلام 40 : 433.