الوظيفة الرابعة
( ترغيب الخصمين في الصّلح )
قال المحقق: « إذا ترافع الخصمان وكان الحكم واضحاً ، لزمه القضاء، ويستحب ترغيبهما في الصّلح… »(1).
أقول: في صورة وضوح الحكم يلزمه القضاء ولا سيما مع المطالبة به.
والترغيب في الصّلح حينئذ معناه أن يتراضيا ـ بترغيب من القاضي ـ بعدم صدور الحكم وبفصل الخصومة بالمصالحة(2)، لكن المحقق قدّس سرّه يقول في الوظيفة السابعة ـ كما سيأتي ـ: « ويكره للحاكم أن يشفع في إسقاط حق أو إبطال » ، إلا أن يجمع بين كلاميه: بأن ترغيبهما في الصلح هو قبل الحكم وفي صورة جهلهما به، وأما بعد ما حكم وعلم به ، فيكره أن يشفع في إسقاط حق أو إبطال.
بل يجب على القاضي ذلك في موارد، ومن الموارد التي على القاضي الترغيب في المصالحة فيها هو فيما إذا نصب قاض للقضاء بين الناس وهو يعلم بعدم عدالة نفسه، فإنه لا يجوز له الحكم في هذه الحال، بل عليه ترغيب المتخاصمين في المصالحة أو حلّ النزاع بينهما بنقل الفتوى أو نحو ذلك من الطرق، ثم إرجاع النظر في القضية والحكم فيها إلى الحاكم الجامع للشرائط إن لم يتوافقا على الصّلح.
هذا، وأما مع عدم وضوح الحكم، فلا يجوز التعجيل في الحكم، بل يستحب إحضار العلماء والفضلاء في مجلس الحكم والتشاور معهم حتى يقلّ الإشتباه والخطأ مهما أمكن.
(1) شرائع الإسلام 4 : 81.
(2) لقوله تعالى: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) ( سورة النساء 4 : 128 ) وقوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) ( سورة الحجرات 49 : 10 ) وغيرهما، وفي صحيحة هشام بن سالم: « لأن أصلح بين اثنين أحبّ إلي من أن أتصدق بدينارين » وسائل الشيعة 18 : 439/1 . أبواب الصلح ، الباب 1.
وعن جماعة: انه لا يجوز للحاكم أن يأمر بالصلح ولا يشير به.
وقيل: إن المستحب للقاضي الترغيب في أصل الصلح، وأما التوسط فيما يصطلحان به فيحوّله إلى ثالث.