الوظيفة الثالثة
( أمر الخصمين بالتكلّم )
قال المحقق قدّس سرّه: « إذا سكت الخصمان استحب أن يقول لهما: تكلّما ، أو ليتكلّم المدعي، ولو أحس منهما باحتشامه أمر من يقول ذلك »(1).
أقول: لم أجد نصّاً يقتضي استحبابه، والظاهر أنه أمر أخلاقي مستحسن عقلاً(2).
قال: « ويكره أن يواجه بالخطاب أحدهما لما يتضمن من إيحاش الآخر ».
أقول: لأنه ينافي التسوية، لكن بناء على وجوبها يكون مواجهة أحدهما بالخطاب دون الآخر ، غير جائز لا مكروهاً(3)، اللهم إلا إذا كان ذلك بحيث لا ينافي التسوية، مثل ما إذا كان أحدهما حاضراً قبل الآخر وهو لا يعلم بكونهما خصمين .
(1) شرائع الإسلام 4 : 80.
(2) لعدم النص أولاً، ولوقوع الخلاف في الحكم المذكور ثانياً، قال في المستند ( 17 : 118 ـ 119 ): « وظاهر الحلّي عدم الإستحباب حيث قال: ولا ينبغي للحاكم أن يسأل الخصمين، والمستحب له تركها حتى يبدء بالكلام، فإن صمتا فله أن يقول لهما حينئذ: إن كنتما حضرتما بشيء فاذكراه ».
(3) كما قال في المسالك ( 13 : 430 ): وقد تقدم أن التسوية فيه واجبة، وههنا جعل هذا النوع من الخطاب مكروهاً، فأما أنه استثناء من السابق أو رجوع عن الحكم، وظاهر العلامة في التحرير والشيخ في المبسوط : التحريم، لأنهما عبّرا بصيغة النهي كالسابق، وهو حسن، لاشتراكهما في المقتضي له، وفي الدروس : لم يجعل التسوية في الكلام من الواجب، وذكر كراهة تخصيص أحدهما بالخطاب هنا وهو يدل على كراهته مطلقاً.