السؤال عن التزكية و كيفية ثبوتها:
قال المحقق: « وينبغي أن يكون السؤال عن التزكية سرّاً ، فإنه أبعد من التهمة »(1).
أقول: وهذا واضح، لأنه إن سأل الشخص عن حال الشاهد في حضوره يصعب عليه الجواب بعدم التزكية، إما حياء وإما وفاء وإما خوفاً وإما رجاء، وإن كان يعلم بعدالته فأجاب بالإيجاب وشهد بذلك ، لاتّهم من قبل الخصم بأنه زكّاه لأحد الأسباب المذكورة.
قال: « وتثبت مطلقة وتفتقر إلى المعرفة الباطنة المتقادمة »(2).
أقول: إن التزكية تفتقر إلى المعرفة السابقة بباطن المزكى على أثر المخالطة، ولا تكفي الشهادة تعويلاً على حسن الظاهر عند المحقق، لكن في ( الجواهر )(3) « تفتقر إلى المعرفة الباطنة المتقادمة المفيدة للعلم أو الظن بحصول الملكة، وأن ما يصدر من ذلك من آثارها، أو بحسن الظاهر بمعنى أنه لا يظهر منه سرّاً وعلانية إلا الحسن » أي: إن علم بالعدالة فهو وإلاّ كفى الظن بحصول الملكة، وكذا يكفي الشهادة بحسن ظاهره بالمعنى المذكور، فكأنه يحمل عبارة المحقق الصريحة في عدم كفاية حسن الظاهر على حسن ظاهر بعض أحواله وأفعاله التي لا يستفاد منها الحسن في جميع ما يظهر منه سرّاً وعلانية، قال: وهذا هو مراد القائلين بكفاية حسن الظاهر، فيتحدّ القولان.
ثم إن الشهادة بالعدالة لا يشترط فيها التفصيل، فيكفي أن يشهد بعدالته. وقيل: بل يلزم أن يقول في حقه: عادل مقبول الشهادة، إذ ربما يكون عادل غير مقبول الشهادة ، كالعادل الكثير الشك وصاحب الوسوسة ، وربما يقال: بكفاية الشهادة بأنه مقبول الشهادة… وسيأتي لذلك تتمة قريباً إن شاء الله.
(1) شرائع الإسلام 4 : 77.
(2) شرائع الإسلام 4 : 77.
(3) جواهر الكلام 40 : 116.