إمامتهم و سيرتهم
ثمّ إنّ من شرائط الإمامة هي الأعلميّة من جميع أفراد الاُمّة في كلّ زمان، ولذا كان ما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله في علم أمير المؤمنين عليه السّلام من أدلّة إمامته وخلافته بعد رسول الله… .
ويشهد بأعلميتهم سيرتهم الذاتيّة، فمن راجع أحوالهم وتدبّر فيما ورد عنهم وما قيل في حقّهم من كبار العلماء المعاصرين لهم والمتأخّرين، لم يتردّد في كونهم «خزّان العلم».
لقد ثبت أنّ جميع العلوم الإسلاميّة إنما انتشرت في سائر البلاد بواسطة أمير المؤمنين عليه السّلام ثمّ الأئمّة من ولده. هذا بالنسبة إلى علوم القرآن والفقه والحديث وغيرها من العلوم المتداولة بين المسلمين. لكنّه عليه السّلام يقول:
«فوالله، إني لطرق السّماء أعلم منّي بطرق الأرض»(1).
كما ثبت عنه قوله عليه السّلام:
«سلوني قبل أن تفقدوني»(2).
وهو مطلق لا يختصُّ بعلم دون علم.
قال الحافظ ابن عبدالبرّ:
«قال أحمد بن زهير: وأخبرنا إبراهيم بن بشار قال: حدّثنا سفيان بن عيينة حدثنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال:
ما كان أحد من الناس يقول: سلوني، غير علي بن أبي طالب رضي الله عنه»(3).
وكم شكا عليه السّلام من عدم سؤال الناس منه، وأنه لا يجد حملة لما يعلمه من العلوم، فكان يقول:
«إن هاهنا لعلماً جمّاً لو أصبت له حملةً»(4).
(1) نهج البلاغة: الخطبة: 189.
(2) نهج البلاغة: الخطبة: 189.
(3) الاستيعاب في معرفة الأصحاب 1 / 340.
(4) الخصال: 645، كمال الدين: 291.