ما هو السّلام؟
فالسّلام إسم من أسماء الله الحسنى، حيث ورد في القرآن الكريم:
(هُوَ اللّهُ الَّذي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ…)(1).
ومن أسماء الجنّة: دار السّلام، قال تعالى:
(وَاللّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ)(2).
وذلك، لأنّ السّلامة الحقيقيّة ليست إلاّ في الجنّة، إذ فيها بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر وعزّ بلا ذلّ وصحّة بلا سقم(3).
و«السّلام» هو «السّلامة» وقد يتعدّى بـ«على» كقوله تعالى: (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ)(4) وقد يعدّى بـ«اللاّم» كقوله تعالى: (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمينِ)(5).
والسّلام نوع من التحيّة، قال تعالى:
(تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ…)(6).
ويراد من السّلام التأليف بين القلوب وإظهار المحبّة والصّفاء والمسالمة.
ثم إنه قد يراد السّلام من الله فيقال: سلام الله عليكم، فإنْ كان الخطاب للإمام عليه السّلام، فذاك إشارة إلى منازله الجليلة عند الله، وإنْ كان الخطاب لسائر الناس، فالمراد الدعاء بالسّلامة من الله له.
إنّ كلّ عمل يؤدّي فيه الإنسان الإحترام للآخرين سواء كان كلاماً جميلاً أو حركةً كوضع اليد على الصدر، أو على الرأس، أو القيام إحتراماً لقادم، أو بتقديم طاقة ورد، ينطبق عليه عنوان التحيّة.
فالنسبة بين السّلام والتحيّة هي العموم والخصوص، فكلّ سلام تحيّة، وليس كلّ تحيّة سلاماً.
ولكنّ السّلام تحيّة أهل الجنّة بعضهم لبعض، قال تعالى:
(إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدينَ)(7).
وفي آية أخرى:
(تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ)(8).
فلذا جعل «السّلام» شعار المسلمين في دار الدنيا، لما فيه من الدلالات المعنوية الكبيرة والآثار الاجتماعية الكثيرة.
ومن هنا، فقد شرّعت في الشريعة المقدّسة للسّلام ـ دون غيره من أنواع التحيّة ـ أحكامٌ كُلّف المؤمنون بها وبعضها إلزاميٌّ يعاقب على تركه.
(1) سورة الحشر، الآية: 22.
(2) سورة يونس، الآية: 25.
(3) المفردات في غريب القرآن: 239.
(4) سورة الرعد، الآية: 24.
(5) سورة الواقعة، الآية: 19.
(6) سورة الأحزاب، الآية: 44.
(7) سورة الزمر، الآية: 73.
(8) سورة الأحزاب، الآية: 44.