1 ـ ندم الإمام عليه السلام ! !
لقد جاء في المصادر المعتبرة لدى الشـيعة والسُـنّة قول الإمام الشهيد أبي عبـد الله الحسـين عليه السلام: «لا والله، لا أُعطيهم بيدي إعطاء الذليل…»(1)، ومن رواته: ابن الجوزي في «المنتظم»، وابن كثير في «البداية والنهاية».
وحتّى الّذين خرجوا لقتاله اعترفوا بذلك، فمثلا: يقول زحر بن قيس ليزيد:
«فسألناهم أن يستسلموا، أو ينزلوا على حكم الأمير عبيـد الله بن زياد، أو القتال، فاختاروا القتال على الاسـتـسـلام»(2).
وقد تقـدّم ـ أيضاً ـ ما رواه الليث بن سعد، من أنّ الإمام أبى الاسـتـسـلام(3).
فكلّ ما يكون على خلاف هذا فهو كـذب..
كالخبر الذي في «مقاتل الطالبيّين»: «فذكر مَن حضره يوم قُتل وهو يلتفت إلى حرمه وإخواته وهنّ يخرجن من أخبيتهنّ جزعاً لقتل من يقتل معه وما يرينه به، ويقول: لله درّ ابن عبّـاس في ما أشار علَيَّ به(4). يعني: منعه من الخروج إلى العراق.
فمن هذا الرجل الثقة الذي كان حاضراً عند الإمام عليه السلام يوم عاشوراء ـ وهو بين أهله وحريمه ـ فسمع منه هذا الكلام، ونقله إلى بني أُميّة ولا علم لأهل البيت بذلك أصلا؟!
وفي «الصواعق»، عن الإمام الحسـن عليه السلام، أنّه قال له: «إيّاك وسفهاء الكوفة أن يستخفّوك، فيخرجوك ويسلموك، فتندم ولات حين مناص» قال: «وقد تذكّر ذلك ليلة قتله، فترحّم على أخيه الحسـن»(5).
فمن هو الراوي لنصيحة الإمام الحسـن عليه السلام هذه؟!
وعلى من اعتمد ابن حجر في قوله: «وقد تذكّر ذلك…»؟!
وقد سبق ابنُ تيميّة في الافتراء على الإمام الحسـن عليه السلام في أنّه نصح أباه أمير المؤمنين عليه السلام أنْ لا يقاتل معاوية، قال: وقد تذكّر عليٌّ ذلك ليلة صِفّين، وأنّه قال: لله درّ مقام عبـد الله بن عمر… ثمّ قال ابن تيميّة: هذا رواه المصنّفون(6).
هذا، والحال أنّ كبار حفّاظهم يروون عن الإمام عليه السلام أنّ قتاله مع الناكثين والقاسطين والمارقين كان عهداً من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأنّه قد أمره بذلك… وقد صحّ عند الحاكم والهيثمي والذهبي وغيرهم أسانيد هذه الروايات(7).
فانظر، كيف يكذبون على الأئمّة دفاعاً عن معاوية ويزيد وأشـياعهما، وتبريراً لأفعالهم!!
(1) راجع الصفحـة 367 هـ 2.
(2) الإرشاد 2 / 118، وانظر: الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ 6 / 447، تاريخ الطبري 3 / 338، تاريخ دمشق 18 / 445، البداية والنهاية 8 / 153.
وقد تقـدّم الخبر في الصفحـة 208.
(3) تقـدّم في الصفحـة 221.
(4) مقاتل الطالبيّين: 110.
(5) الصواعق المحرقة: 298.
(6) منهاج السُـنّة 8 / 145.
(7) المستدرك على الصحيحين 3 / 150 ح 4674، مجمع الزوائد 7 / 238.