اسـتـشهاد مسلم و هاني بن عروة
ثمّ إنّ ابن زياد تمكّن من إلقاء القبض على هاني بن عروة ثمّ مسلم ابن عقيل، فاستشهدا على يديه، على التفصيل المذكور في كتب التاريخ(1).
ولمّا بلغ الإمام عليه السلام خبر مسلم وهاني ـ وهو في الطريق ـ ارتجّ الموضع بالبكاء والنياحة والعويل، قالوا: وتفرّق الناس عنه فلم يبق معه إلاّ قليل(2).
فنظر عليه السلام إلى بني عقيل وقال: ما ترون، فقد قتل مسلم؟
قالوا: والله ما نرجع حتّى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق.
فقال: لا خير في العيـش بعد هؤلاء(3).
وكتب ابن زياد بذلك إلى يزيد:
«أمّا بعد، فالحمد لله الذي أخذ لأمير المؤمنين بحقّه، وكفاه مؤونة عدوّه، أُخبِر أميرَ المؤمنين أنّ مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة المراديّ، وأنّي جعلت عليهما العيون ودسـسـتُ إليهما الرجال وكدتهما حتّى اسـتخرجتهما، وأمكن الله منهما، فقدّمتهما وضربتُ أعناقهما.
وقد بعثت إليك برؤوسهما مع هانئ بن أبي حيّة والزبير بن الأروح التميمي، وهما من أهل السمع والطاعة والنصيحة، فليسألهما أمير المؤمنين عمّا أحبّ من أمرهما، فإنّ عندهما علماً وصدقاً وورعاً، والسلام.
فكتبَ إليه يزيد:
أمّا بعد، فإنّك لم تَعْدُ أن كنت كما أُحبّ، عملت عمل الحازم، وصُلْتَ صولة الشجاع الرابط الجأشِ، وقد أغنيت وكفيت وصدّقت ظنّي بك ورأيي فيك، وقد دعوتُ رسولَيْك فسألتهما وناجيتهما، فوجدتهما في رأيهما وفضلهما كما ذكرت، فاسـتوصِ بهما خيراً.
وإنّه قد بلغني أنّ حسـيناً قد توجّه إلى العراق، فضع المناظر والمسالح واحترسْ، واحبـس على الظنّة، واقتُل على التهمة، واكتب إليّ في ما يحدث من خبر إن شاء الله»(4).
(1) انظر: جمهرة أنساب العرب: 406، تاريخ الطبري 3 / 275، الكامل في التاريخ 3 / 389 و 391، البداية والنهاية 8 / 123، مروج الذهب 3 / 59 ـ 60.
(2) انظر: تاريخ الطبري 3 / 303، بغية الطلب 6 / 2622، البداية والنهاية 8 / 135، الفتوح ـ لابن أعثم ـ 5 / 71، مثير الأحزان: 45، الملهوف على قتلى الطفوف: 134.
(3) انظر: مروج الذهب 3 / 61، الكامل في التاريخ 3 / 403، مثير الأحزان: 45.
(4) الإرشاد ـ للشيخ المفيد ـ 2 / 65 ـ 66، تاريخ الطبري 3 / 293، الفتوح ـ لابن أعثـم ـ 5 / 69 ـ 70، الأخبار الطوال: 242، وقعـة الطـفّ: 77، مقـتل الحسـين ـ للخوارزمي ـ 1 / 308 ـ 309 ف 10، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شـهر آشـوب ـ 4 / 102، بحـار الأنـوار 44 / 359 ب 37، الطبقات الكبـرى ـ لابن سعد ـ 6 / 434 رقم 1374، أنساب الأشراف 2 / 341 ـ 342، تاريخ الإسـلام 2 / 270، مروج الذهب 3 / 60، المنتظم 4 / 145، الكامل في التاريخ 3 / 398، البداية والنهاية 8 / 126.