ما كان بين عثمان و ابن مسعود
نعم، انتقد على عثمان أخذه المصاحف من أصحابها بالقوّة وإحراقه لها، وقد رووا عن ابن مسعود الإمتناع من تسليم مصحفه… والإنتقاد الشديد لتقديم زيد بن ثابت عليه… .
قلت: أمّا امتناعه عن تسليم مصحفه، فهو من الأُمور الثابتة التي لا تقبل الخدش، ولا حاجة إلى ذكر أخباره ومصادره، وأمّا اعتراضه على تقديم زيد بن ثابت، ففيه روايات صحيحة عندهم… فقد روى الحافظ ابن عبدالبرّ، عن الأعمش، عن شقيق، قال: «لمّا أمر عثمان في المصاحف بما أمر قام عبداللّه بن مسعود خطيباً فقال: أيأمروني أن أقرأ القرآن على قراءة زيد بن ثابت؟! والذي نفسي بيده، لقد أخذت من فيّ رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ سبعين سورة وأنّ زيد بن ثابت لذو ذؤابة يلعب به الغلمان، واللّه ما نزل من القرآن شيء إلاّ وأنا أعلم في أيّ شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب اللّه منّي، ولو أعلم أحداً تبلّغنيه الإبل أعلم بكتاب اللّه منّي لأتيته. ثمّ استحيى ممّا قال فقال: وما أنا بخيركم.
قال شقيق: فقعدت في الحلق فيها أصحاب رسول اللّه ـ صلّى اللّه عليه وسلّم ـ فما سمعت أحداً أنكر ذلك عليه ولا ردّ ما قال»(1).
(1) الإستيعاب، الترجمة 1659، 3 : 993.