علم الإمام موسى بن جعفر
دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه السّلام فقال له: «رأيت ابنك موسى يصلي والناس يمرون بين يديه، فقال أبو عبد الله عليه السّلام: ادعوا لي موسى، فدعوه فقال له في ذلك فقال: نعم يا ابه ان الذي كنت أصلي له كان اقرب الي منهم يقول الله تعالى: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)(1) فضمّه أبو عبد الله الى نفسه ثم قال: بأبي أنت وأمي يا مودع الأسرار»(2).
ودخل موسى بن جعفر عليه السّلام بعض قرى الشام متنكراً هارباً، فوقع في غار وفيه راهب يعظ في كل سنة يوماً، فلما رآه الراهب دخله منه هيبة، فقال: يا هذا أنت غريب؟ قال نعم قال: منا أو علينا؟ قال: لست منكم قال: أنت من الأمة المرحومة؟ قال: نعم، قال: أفمن علمائهم أنت أم من جهالهم، قال: لست من جهالهم فقال: كيف طوبى اصلها في دار عيسى وعندكم في دار محمّد وأغصانها في كل دار؟ فقال عليه السّلام: الشمس قد وصل ضوءها الى كل مكان وكل موضع وهي في السماء، قال: وفي الجنة لا ينفد طعامها وان أكلوا منه ولا ينقص منه شيء؟ قال: السراج في الدنيا يقتبس منه ولا ينقص منه شيء، وقال: وفي الجنة ظل ممدود؟ فقال عليه السّلام: الوقت الذي قبل طلوع الشمس كله ظل ممدود، وذلك قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ)(3) قال: ما يؤكل ويشرب في الجنة لا يكون بولا ولا غائطاً، قال عليه السّلام: الجنين في بطن أمه، قال: أهل الجنة لهم خدم يأتونهم بما ارادوا بلا أمر فقال: إذا احتاج الانسان الى شيء عرفت أعضاؤه ذلك ويفعلون بمراده من غير أمر، قال: مفاتيح الجنة من ذهب أو فضه؟ قال: مفتاح الجنة لسان العبد، لا اله الاَّ الله، قال: صدقت، وأسلم والجماعة معه»(4).
«حج هارون الرشيد وابتدأ بالطواف ومنعت العامة من ذلك لينفرد وحده، فبينما هو في ذلك إذ ابتدر أعرابي البيت وجعل يطوف معه، وقال الحجاب: تنح يا هذا عن وجه الخليفة، فانتهرهم الاعرابي وقال: ان الله ساوى بين الناس في هذا الموضع فقال: (سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ)(5) فأمر الحاجب بالكف عنه، فكلما طاف الرشيد طاف الاعرابي أمامه فنهض الى الحجر الأسود ليقبله فسبقه الاعرابي اليه والتثمه، ثم صار الرشيد الى المقام ليصلي فيه فصلى الإعرابي أمامه، فلما فرغ الرشيد من صلاته استدعى الاعرابي، فقال الحجاب: أجب أمير المؤمنين، فقال: مالي اليه حاجة فأقوم اليه، بل ان كانت الحاجة له فهو بالقيام إلي أولى، قال: صدق، فمشى اليه وسلّم عليه فردّ عليه السّلام، فقال هارون: أجلس يا أعرابي؟ فقال: ما الموضع لي فتستأذنني فيه بالجلوس، انما هو بيت الله نصبه لعباده فان احببت أن تجلس فاجلس وان أحببت أن تنصرف فانصرف، فجلس هارون، وقال: ويحك يا اعرابي! مثلك من يزاحم الملوك! قال: نعم وفي مستمع، قال: فاني سائلك فان عجزت آذيتك قال: سؤالك هذا سؤال متعلم أو سؤال متعنّت؟ قال: بل متعلم، قال: اجلس مكان السائل من المسؤول وسل وأنت مسؤول، فقال: أخبرني ما فرضك؟ قال: ان الفرض ـ رحمك الله ـ واحد، وخمسة، وسبعة عشر، وأربع وثلاثون، وأربع وتسعون، ومائة وثلاثة وخمسون على سبعة عشر، ومن اثني عشر واحد، ومن أربعين واحد، ومن مائتين خمس، ومن الدهر كله واحد، وواحد بواحد.
فضحك الرشيد وقال: ويحك أسألك عن فرضك وأنت تعد عليّ الحساب؟
قال: أما علمت أن الدين كله حساب ولو لم يكن الدين حساباً لما اتخذ الله للخلائق حساباً ثم قرأ: (وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)(6).
قال: فبين لي ما قلت، والا أمرت بقتلك بين الصفا والمروة.
فقال الحاجب: تهبه لله ولهذا المقام!
قال: فضحك الاعرابي من قوله.
فقال الرشيد: مما ضحكت يا اعرابي؟
قال: تعجباً منكما إذ لا أدري من الأجهل منكما، الذي يستوهب أجلا قد حضر أو الذي استعجل أجلا لم يحضر.
فقال الرشيد: فسّر ما قلت.
قال: أما قولي الفرض واحد، فدين الاسلام كله واحد، وعليه خمس صلوات، وهي سبع عشرة ركعة واربع وثلاثون سجدة وأربع وتسعون تكبيرة، ومائة وثلاث وخمسون تسبيحة. وأما قولي: من اثني عشر واحد، فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهراً، وأما قولي: من الأربعين واحد، فمن ملك أربعين ديناراً أوجب الله عليه ديناراً، وأما قولي: من مائتين خمسة فمن ملك مائتي درهم أوجب الله عليه خمسة دراهم، وأما قولي: فمن الدهر كله واحد، فحجة الاسلام، وأما قولي: واحد من واحد، فمن أهرق دماً من غير حق وجب اهراق دمه، قال الله تعالى: (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ)(7) فقال الرشيد: لله درك وأعطاء بدرة فقال: فبم استوجب منك هذه البدرة يا هارون بالكلام أو بالمسألة؟ قال: بالكلام.
قال: فاني مسائلك عن مسألة فان أنت أتيت بها كانت البدرة لك تصدق بها في هذا الموضع الشريف، فان لم تجبني عنها اضفت الى البدرة بدرة أخرى لأتصدق بها على فقراء الحي من قومي.
فأمر بإيراد أخرى وقال: سل عما بدا لك.
فقال: أخبرني عن الخنفساء تزق أم ترضع ولدها؟ فخرد(8) هارون وقال: ويحك يا اعرابي مثلي من يسأل عن هذه المسألة؟ فقال: سمعت ممن سمع من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: من ولي أقواماً وهب له من العقل كعقولهم، وأنت امام هذه الأمة يجب أن لا تسأل عن شيء من أمر دينك ومن الفرائضوأجبت عنها، فهل عندك له الجواب؟ قال هارون: رحمك الله لا، فبيّن لي ما قلته وخذ البدرتين.
فقال: ان الله تعالى لما خلق الأرض خلق دبابات الأرض من غير فرث ولا دم، خلقها من التراب وجعل رزقها وعيشها منه ، فإذا فارق الجنين أمه لم تزقه ولم ترضعه وكان عيشها من التراب، فقال هارون: والله ما ابتلي أحد بمثل هذه المسألة، وأخذ الأعرابي البدرتين وخرج. فتبعه بعض الناس وسأله عن اسمه فإذا هو موسى بن جعفر بن محمّد عليه السّلام، فأخبر هارون بذلك فقال: والله لقد ركنت أن تكون هذه الورقة من تلك الشجرة»(9).
قال المجلسي: «روي أن هارون الرشيد أنفذ الى موسى بن جعفر عليه السّلام فأحضره فلما حضر عنده قال: ان الناس ينسبونكم يا بني فاطمة الى علم النجوم وان معرفتكم بها معرفة جيدة، وفقهاء العامة يقولون: ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: إذا ذكرني أصحابي فاسكتوا وإذا ذكروا القدر فاسكتوا فإذا ذكروا النجوم فاسكتوا. وأميرالمؤمنين كان أعلم الخلائق بعلم النجوم وأولاده وذريته الذين يقول الشيعة بامامتهم كانوا عارفين بها.
فقال له الكاظم: ذا حديث ضعيف، واسناده مطعون فيه، والله تبارك وتعالى قد مدح النجوم، ولو لا أن النجوم صحيحة ما مدحها الله عزّوجل والأنبياء عليه السّلام كانوا عالمين بها، وقد قال الله تعالى في حق إبراهيم خليل الرحمن: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)(10). وقال في موضع آخر: (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ)(11) فلو لم يكن عالماً بعلم النجوم ما نظر فيها وما قال: اني سقيم، وادريس عليه السّلام كان أعلم أهل زمانه بالنجوم، والله تعالى قد أقسم بمواقع النجوم (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ)(12) وقال في موضع (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً) إلى قوله (فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً)(13) يعني بذلك اثني عشر برجاً وسبعة سيارات، والذي يظهر بالليل والنهار بأمر الله عزّوجل، وبعد علم القرآن ما يكون أشرف من علم النجوم وهو علم الأنبياء والأوصياء وورثة الأنبياء الَّذين قال الله عزّوجل: (وَعَلامَات وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)(14) ونحن نعرف هذا العلم وما نذكره.
فقال له هارون: بالله عليك يا موسى هذا العلم لا تظهره عند الجهال وعوام الناس حتى لا يشنّعوا عليك وانفس عن العوام به، وغطّ هذا العلم وارجع الى حرم جدك.
ثم قال له هارون: وقد بقي مسألة أخرى بالله عليك أخبرني بها قال له: سل فقال: بحق القبر والمنبر وبحق قرابتك من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم اخبرني أنت تموت قبلي؟ أو أنا أموت قبلك؟ لأنّك تعرف هذا من علم النجوم، فقال له موسى عليه السّلام: آمني حتى أخبرك فقال: لك الأمان فقال: أنا أموت قبلك، وما كذبت ولا أكذب، ووفاتي قريب. فقال له هارون: قد بقي مسألة تخبرني بها ولا تضجر، فقال له: سل، فقال: خبروني انكم تقولون ان جميع المسلمين عبيدنا وجوارينا وانكم تقولون من يكون لنا عليه حق ولا يوصله الينا فليس بمسلم؟ فقال له موسى عليه السّلام: كذب الذين زعموا أننا نقول ذلك، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يصح البيع والشراء عليهم، ونحن نشتري عبيداً وجواري ونعتقهم ونقعد معهم ونأكل معهم ونشتري المملوك ونقول له: يا بني وللجارية يا بنتي ونقعدهم يأكلون معنا تقرباً الى الله سبحانه، فلو أنهم عبيدنا وجوارينا ما صح البيع والشراء وقد قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لما حضرته الوفاة: الله الله في الصلاة وما ملكت ايمانكم، يعني: صلوا و اكرموا مماليككم وجواريكم ونحن نعتقهم، وهذا الذي سمعته غلط من قائله ودعوى باطلة، ولكن نحن ندّعي أن ولاء جميع الخلائق لنا ـ يعني ولاء الدين ـ وهؤلاء الجهال يظنونه ولاء الملك حملوا دعواهم على ذلك، ونحن ندّعي ذلك لقول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، وما كان يطلب بذلك الا ولاء الدين، والذي يوصلونه الينا من الزكاة والصّدقة فهو حرام علينا مثل الميتة والدم ولحم الخنزير.
وأما الغنائم والخمس من بعد موت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقد منعونا ذلك ونحن محتاجون الى ما في يد بني آدم الذين لنا ولاؤهم بولاء الدين ليس بولاء الملك، فان نفذ الينا أحد هدية ولا يقول انها صدقة نقبلها لقول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لو دعيت الى كراع لأجبت ولو اهدي لي كراع لقبلت، والكراع اسم القرية والكراع يد الشاة، وذلك سنة الى يوم القيامة، ولو حملوا الينا زكاة وعلمنا أنها زكاة رددناها وان كانت هديّة قبلناها. ثم ان هارون اذن له في الانصراف فتوجّه الى الرقة. ثم تقولوا عليه أشياء، فاستعاده هارون وأطعمه السمّ، فتوفي»(15).
وروى الكليني بإسناده عن علي بن يقطين قال: «سأل المهدي أبا الحسن عن الخمر هل هي محرمة في كتاب الله عزّوجل، فان الناس انما يعرفون النهي عنها ولا يعرفون التحريم لها فقال له أبو الحسن عليه السّلام: بل هي محرمة في كتاب الله عزّوجل يا أميرالمؤمنين، فقال له: في أي موضع هي محرمة في كتاب الله جل اسمه يا أبا الحسن؟ فقال: قول الله عزّوجل (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ)(16) فأما قوله: «ما ظهر منها» يعني الزنا المعلن ونصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر للفواحش في الجاهلية. وأما قو له عزّوجل: «وما بطن» يعني ما نكح من الآباء، لأن الناس كانوا قبل أن يبعث النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا كان للرجل زوجة ومات عنها تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن أمه فحرم الله عزّوجل ذلك. وأما الإثم فانها الخمرة بعينها وقد قال الله عزّوجل في موضع آخر: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)(17)فاما الاثم في كتاب الله فهي الخمرة والميسر واثمهما أكبر كما قال الله تعالى قال: فقال المهدي: يا علي بن يقطين هذه والله فتوى هاشمية قال: قلت له: صدقت والله يا أميرالمؤمنين، الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت قال: فوالله ما صبر المهدي أن قال لي: صدقت يا رافضي»(18).
وقال: «روى بعض اصحابنا مرسلا قال: ان أول ما نزل في تحريم الخمر قول الله عزّوجل (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا). فلما نزلت هذه الآية أحسّ القوم بتحريمها وتحريم الميسر وعلموا أن الاثم مما ينبغي اجتنابه ولا يحمل الله عزّوجل عليهم من كل طريق لأنه قال: ومنافع للناس ثم أنزل الله عزّوجل آية أخرى: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(19) فكانت هذه الآية أشدّ من الأولى وأغلظ في التحريم ثم ثلث بآية أخرى فكانت اغلظ من الآية الأولى والثانية وأشد فقال عزّوجل: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)(20) فأمر عزّوجل باجتنابها وفسر عللها التي لها ومن أجلها حرمها ثم بين الله عزّوجل تحريمها وكشفه في الآية الرابعة مع ما دل عليه في هذه الآية المذكورة المتقدمة بقوله عزّوجل: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ)(21) وقال عزّوجل في الآية الأولى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) ثم قال الآية الرابعة: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ)(22) فخبّر الله عزّوجل أن الاثم في الخمر وغيرها وانه حرام وذلك أن الله عزّوجل إذا أراد أن يفترض فريضة أنزلها شيئاً بعد شيء حتى يوطن الناس انفسهم عليها ويسكنوا الى أمر الله عزّوجل ونهيه فيا وكان ذلك من فعل الله عزّوجل على وجه التدبير فيهم أصوب واقرب لهم الى الأخذ بها واقل لنفارهم منها»(23).
وروى باسناده عن علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «ان الله عزّوجل لم يحرم الخمر لاسمها ولكنه حرمها لعاقبتها فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر»(24).
روى المجلسي باسناده عن التلعكبري باسناده عن الكاظم عليه السّلام قال: «قال لي هارون: أتقولون ان الخمس لكم؟ قلت: نعم، قال: انه لكثير، قال قلت: ان الذي أعطاناه علم انه لنا غير كثير»(25).
روى الكليني باسناده عن محمّد بن مسلم قال: «دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه السّلام فقال له: رأيت ابنك موسى عليه السّلام يصلي والناس يمرون بين يديه فلا ينهاهم وفيه ما فيه. فقال أبو عبد الله عليه السّلام: ادعوا لي موسى فدعي، فقال له: يا بني ان أبا حنيفة يذكر أنك كنت تصلي والناس يمرون بين يديك فلم تنههم فقال: نعم يا ابة ان الذي كنت أصلي له كان أقرب الي منهم يقول الله عزّوجل: (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)(26) قال فضمه أبو عبد الله عليه السّلام الى نفسه ثم قال: بأبي أنت وأمي يا مودّع الأسرار»(27).
وروى باسناده عن جعفر بن المثنى الخطيب عن محمّد بن الفضل وبشر بن اسماعيل، قال: قال لي محمّد: ألا أسرّك يا ابن مثنى؟ قال: قلت: بلى وقمت اليه قال: دخل هذا الفاسق آنفاً فجلس قبالة أبي الحسن عليه السّلام ثم اقبل عليه فقال له: يا أبا الحسن ما تقول في المحرم أيستظل على المحمل؟ فقال له: لا قال: فيستظل في الخبأ؟ فقال له: نعم فأعاد عليه القوم شبه المستهزىء يضحك، فقال: يا أبا الحسن، فما فرق بين هذا وهذا؟. فقال: يا أبا يوسف ان الدين ليس بقياس كقياسكم أنتم تلعبون بالدين، انا صنعنا كما صنع رسول الله وقلنا كما قال رسول الله، كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يركب راحلته فلا يستظل عليها وتؤذيه الشمس فيستر جسده بعضه ببعض وربما ستر وجهه بيده وإذا نزل استظل بالخباء وفيىء البيت وفيىء الجدار»(28).
(1) سورة ق: 16.
(2) المناقب لابن شهر آشوب ج4 ص311.
(3) سورة الفرقان: 45.
(4) المناقب ج4 ص311 .
(5) سورة الحج: 25.
(6) سورة الانبياء: 47.
(7) سورة المائدة: 45.
(8) خرد الرجل: طال سكوته. استحيى من ذلّ.
(9) المناقب لابن شهر آشوب ج4 ص314.
(10) سورة الانعام الآية: 75.
(11) سورة الصافات الآية: 88ـ89.
(12) سورة الواقعة الآية: 76.
(13) سورة النازعات الآية: 1ـ5.
(14) سورة النحل الآية: 16.
(15) البحار الطبعة الحديثة ج48 رقم 21 ص145.
(16) سورة الاعراف: 33.
(17) سورة البقرة : 219 .
(18) الفروع من الكافي ج6 باب تحريم الخمر في الكتاب ص406 رقم 1.
(19) سورة المائدة: 90.
(20) سورة المائدة: 91.
(21 و 22) سورة الاعراف: 33.
(23) الفروع من الكافي ج6 باب تحريم الخمر في الكتاب ص407 رقم 1.
(24) فروع الكافي باب ان الخمر انما حرمت لفعلها ص412 رقم 1.
(25) البحار ج48 ص158 رقم 33.
(26) سورة ق16.
(27) الفروع من الكافي ج3 باب ما يستتر به المصلي ممن يمر بين يديه ص297 رقم 4.
(28) الفروع من الكافي ج4 باب الظلال للمحرم ص350 رقم1.