(سورة الممتحنة)
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَان يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوف فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)(1).
روى الخوارزمي باسناده عن الزبير بن العوام قال: «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يدعوا النساء الى البيعة حين نزلت هذه الآية، فكانت فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب عليه السّلام أول امرأة بايعت»(2).
وروى عن جعفر بن محمّد «ان فاطمة بنت أسد أول امرأة بايعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم [مشت] من مكة الى المدينة على قدميها، وكانت أبرّ الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وسمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: ان الناس يحشرون يوم القيامة عراة فقالت: واسوأتاه فقال لها: اني ضمين لك عن الله ان يبعثك كاسية، وسمعته يذكر ضغطة القبر فقالت: واضعفاه، فقال: اني اسأل الله ان يكفيك ذلك»(3).
روى المحدث البحراني باسناده عن جعفر بن محمّد ان فاطمة بنت أسد ام علي كانت حادية عشرة يعني في السابقة إلى الاسلام وكانت بدرية، ولما نزلت هذه الآية: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ) كانت فاطمة أول امرأة بايعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ودفنت بالروحا مقابل حمام أبي قطيفة(4).
قال الشيخ المقداد: روي أنه صلّى الله عليه وآله بايعهن على الصفا وكان عمر اسفل منه وهند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء خوفاً من ان يعرفها رسول الله، فقال: ابايعكن على ان لا تشركن بالله شيئاً فقالت هند انك لتأخذ علينا امراً ما رأيناك أخذته على الرجال وذلك انه صلّى الله عليه وآله وسلّم بايع الرجال يومئذ على الاسلام والجهاد فقط فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم (وَلاَ يَسْرِقْنَ) فقالت هند: ان أبا سفيان رجل ممسك واني اصبت من ماله هنات فلا ادري ايحل لي ام لا فقال أبو سفيان: ما اصبت من شيء من مالي فيما مضى وفيما غبر فهو لك حلال. فضحك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وعرفها، فقال لها وانك لهند بنت عتبة، فقالت نعم فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك قال ولا تزنين، فقالت هند: أو تزني الحرة؟ فتبسم عمر بن الخطاب لما جرى بينه وبينها في الجاهلية، فقال لها صلّى الله عليه وآله وسلّم: ولا تقتلن اولادكن قالت هند: والله ان البهتان قبيح، وما امرتنا الاّ بالرشد ومكارم الاخلاق ولما قال: (وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوف) قالت هند: ما جلسنا مجلسنا هذا وفي انفسنا ان نعصيك في شيء(5).
(1) سورة الممتحنة: 12.
(2 و 3) المناقب الفصل السابع عشر ص196.
(4) البرهان ج4 ص327 رقم /11.
(5) كنز العرفان هامش تفسير الأمام الحسن عليه السّلام ص138 باب الجهاد الآية الخامسة عشر.