ترجمة أبي عبداللّه الحميدي:
له تراجم حسنة ومبسوطة في كثير من الكتب التي يرجع إليها في معرفة الشخصيّات الكبار والحوادث المهمّة، أمثال:
المنتظم في تاريخ الملوك والأُمم ـ لابن الجوزي ـ 17 : 29، معجم الأُدباء ـ لياقوت الحموي ـ 18 : 282، تذكرة الحفّاظ ـ للذهبي ـ 4 : 1218، الوافي بالوفيات ـ للصفدي ـ 4 : 317، مرآة الجنان ـ لليافعي ـ 3 : 113، النجوم الزاهرة ـ لابن تغري بردى ـ 5 : 156، تتمّة المختصر في أخبار البشر ـ لابن الوردي ـ 2 : 9، الكامل في التاريخ ـ لابن الأثير ـ 10 : 254.
وكذا في غير هذه الكتب، ولم نجد في شيء منها طعناً على الرجل أو غمزاً في علمه وثقته وورعه عندهم….
ونكتفي هنا بذكر موجز ترجمته في سير أعلام النبلاء:
«الحميدي: الإمام القدوة، الأثري، المتقن، الحافظ، شيخ المحدّثين، أبو عبداللّه بن أبي نصر الأندلسي، استوطن بغداد، وكان من بقايا أصحاب الحديث علماً وعملاً وعقداً وانقياداً، رحمة اللّه عليه.
قال أبو نصر بن ماكولا: لم أرَ مثل صديقنا أبي عبداللّه الحميدي في نزاهته وعفّته وورعه وتشاغله بالعلم، صنّف تاريخ الأندلس.
وقال يحيى بن إبراهيم السلماسي، قال أبي لم ترَ عيناي مثل الحميدي، في فضله ونبله وغزارة علمه وحرصه على نشر العلم، وكان ورعاً تقيّاً، إماماً في الحديث وعلله ورواته، متحقّقاً بعلم التحقيق والأُصول على مذهب أصحاب الحديث بموافقة الكتاب والسُنّة….
قال السلفي: سألت أبا عامر العبدري عن الحميدي فقال: لا يُرى مثله قطّ، وعن مثله لا يُسأل، جمع بين الفقه والحديث والأدب، ورأى علماء الأندلس، وكان حافظاً.
توفّي سنة 488»(1).
ثمّ إنّ الكلام على ما ذكره ابن الجوزي من وجوه:
أوّلاً: إنّ دليل على كذب الحديث هو اشتماله على الأشعار والأفعال، وهذا باطل، لأنّ الاستدلال إنّما هو بأصل الحديث وسبب نزول السورة المباركة.
وثانياً: إنّ هذه الأشعار والأفعال إنّما جاءت في الخبر باللفظ الذي أورده، وليست في جميع ألفاظه، فالتذرّع بها لتكذيب الخبر باطل من أصله.
وثالثاً: نقل الخبر بأحد ألفاظه وأسانيده، والطعن في ثبوت أصل الخبر بسبب التكلّم في أحد أسانيده، ليس من شأن العلماء المنصفين الأتقياء، لكن هذا من ابن الجوزي كثير!
ورابعاً: لقد توقّف العلماء المحقّقون عن قبول آراء ابن الجوزي في الموضوعات وتعقّبوا كثيراً منها وخطّؤه فيها، حتّى قالوا بعدم جواز التعويل عليه في هذا الباب.
(1) سير أعلام النبلاء 19 : 120 ـ 127.