حديث: إنّ الله يغضب لغضبك، كذب
وقال ابن تيميّة: «وأما قوله: ورووا جميعاً أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: يا فاطمة، إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك. فهذا كذب منه، ما رووا هذا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا يعرف هذا في شيء من كتب الحديث المعروفة، ولا له إسناد معروف عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، لا صحيح ولا حسن»(1).
أقول:
وهذا الحديث كسابقه، فقد رواه جمع غفير من الأئمة المشاهير والحفاظ الأعلام، في كتبهم في الحديث والفضائل، ومنهم من ذكره بترجمتها عليها السلام، فمن رواته:
أبو زرعة الرازي.
وابن أبي حاتم الرازي.
وهما في طريق رواية الرافعي(2).
وأبو يعلى الموصلي.
وأبو القاسم الطبراني.
والحاكم النيسابوري.
وأبو نعيم الإصفهاني.
وأبو القاسم ابن عساكر.
رواه عنهم المتقي الهندي(3).
وأبو الحجّاج المزّي(4).
وابن الأثير الجزري(5).
وابن حجر العسقلاني(6).
وجلال الدين السيوطي(7).
والمتقي الهندي(8).
وغيرهم من أعلام الأئمة والحفّاظ.
فانظر من الكاذب؟
ثم إنّ الحاكم قال: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» فالحديث له إسناد معروف إلى النبي وهو صحيح.
وتعقّبه الذهبي في تلخيصه قائلا: «بل حسين منكر الحديث، لا يحلّ أن يحتج به».
لكن قد ذكر غير واحد من الحفاظ كابن حجر العسقلاني والسبكي وغيرهما أنّه ينبغي التثبّت في الذين يضعّفهم المؤلّف(9)… وهذا الموضع من ذاك، فإنّ «حسين بن زيد بن علي» المذكور، من رجال ابن ماجة، وقد روى عنه جمع من الأكابر(10) ونصَّ الحافظ ابن حجر على أنّه صدوق(11).
فالحديث صحيح كما قال الحاكم.
وأخرجه الطبراني قال: «حدّثنا محمّد بن عبدالله الحضرمي، حدّثنا عبدالله ابن محمّد بن سالم القزّاز، حدّثنا حسين بن زيد بن علي…» إلى آخره(12) قال الهيثمي: «وإسناده حسن»(13).
فظهر أنّ الحديث صحيح عند الحاكم، وحسنٌ عند الهيثمي.. فظهر كذب القائل: «ولا يعرف هذا… لا صحيح ولا حسن».
(1) منهاج السنة 4/248.
(2) التدوين في أخبار قزوين ـ باب الذال 3/11.
(3) كنز العمال الباب الخامس في فضائل أهل البيت، الفصل الثاني الاكمال، الحديث 34238، 12/111.
(4) تهذيب الكمال ـ الترجمة 7899، فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم 35/250.
(5) اسد الغابة فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم 5/522.
(6) تهذيب التهذيب الترجمة 9005، فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم 12/392.
(7) الخصائص الكبرى ـ باب اختصاصه بتفضيل بناته وزوجاته على سائر نساء العالمين، 3/178.
(8) كنز العمال ـ الباب الخامس في فضائل أهل البيت، الفصل الثاني، الاكمال، الحديث 34238، 12/111.
(9) راجع مثلا: لسان الميزان ـ الترجمة 5889، علي بن صالح الأنماطى 5/42.
(10) انظر تهذيب الكمال ـ الترجمة 1310، حسين بن زيد بن علي 6/376.
(11) تقريب التهذيب حرف الحاء ـ الترجمة 1321، الحسين بن زيد بن علي: 106.
(12) المعجم الكبير ـ الترجمة 182، 1/108.
(13) مجمع الزوائد ـ كتاب المناقب، باب مناقب فاطمة 9/203.