تذييلاتٌ
* الكبار الكذّابون
* الكذّابون في الصحاح الستّة
* من تحريفات الصحابة للأحاديث النبويّة
* من تصحيفات النسّاخ للأحاديث النبويّة وغيرها
1
الكبار الكذّابون
وقد اتّهم كثير من كبار القوم وأئمّتهم في الفقه والحديث وغير ذلك بالكذب… في الكتب الرجاليّة…
نكتفي بذكر عدّة منهم،:
1 ـ أبو مطيع البلخي
الفقيه الكبير، صاحب أبي حنيفة. قال الذهبي بترجمته:
«الحكم بن عبدالله، أبو مطيع البلخي، الفقيه، صاحب أبي حنيفة… تفقّه به أهل تلك الدّيار، وكان بصيراً بالرأي، علاّمةً، كبير الشأن، ولكنّه واه في ضبط الأثر، وكان ابن المبارك يعظّمه ويُجلّه لدينه وعلمه…»(1) .
ومع هذا … فقد تكلَّم فيه الأئمّة، وضعّفوه، وتركوا حديثه، حتّى:
قال أبو حاتم: مرجئ كذّاب.
وقال الجوزقاني: كان يضع الحديث(2).
وقال ابن الجوزي ـ بعد حديث في أنّ الإيمان يزيد وينقص:
«هذا حديث موضوع بلا شك، وهو من وضع أبي مطيع، واسمه الحكم ابن عبدالله، قال أحمد بن حنبل: لا ينبغي أن يروى عنه شيء. وقال يحيى: ليس بشيء. وقال أبو حاتم الرازي: كان أبو مطيع مرجئاً كاذباً»(3).
وقال الذهبي: «قال ابن معين: ليس بشيء. وقال مرّةً: ضعيف.
وقال البخاري: ضعيف صاحب رأي.
وقال النسائي: ضعيف.
وقال ابن الجوزي، في الضعفاء: الحكم بن عبدالله بن سلمة، أبو مطيع الخراساني القاضي، يروي عن إبراهيم بن طهمان وأبي حنيفة ومالك.
وقال أحمد: لا ينبغي أن يروى عنه شيء، قال: وتركوا حديثه وكان جهميّاً.
وقال ابن عدي: هو بيّن الضعف، عامّة ما يرويه لا يتابع عليه.
وقال ابن حبّان: كان من رؤساء المرجئة ممّن يبغض السنن وينتحلها.
وقال العقيلي: حدّثنا عبدالله بن أحمد: سألت أبي عن أبي مطيع البلخي فقال: لا ينبغي أن يروى عنه، حكوا عنه أنّه يقول: الجنّة والنار خلقتا فسيفنيان، وهذا كلام جهم»(4).
2 ـ ثوبان بن إبراهيم وهو ـ كما قال الجوزقاني ـ ذوالنون المصري
من كبار الأولياء العظام الذين يعتقدون ويقتدون بهم، وقد ترجم له في غير واحد من كتب التراجم:
قال ابن خلّكان: «كان أوحد وقته علماً وورعاً وحالاً وأدباً، وهو معدود في جملة من روى الموطّأ عن الإمام مالك رضي الله عنه…» ثم ذكى له مناقب قال: «ومحاسن الشيخ ذي النون كثيرة»(5) .
لكن في (تنزيه الشريعة الغرّاء): «ثوبان بن إبراهيم المصري. اتّهمه ابن الجوزي بالوضع، وهو ذوالنون المصري، الصوفي المشهور كما قاله الجوزقاني.
قال الحافظ ابن حجر: ورأيت على هامش كتاب الجوزقاني: الصواب ثوبان أخو ذي النون»(6).
3 ـ أحمد بن صالح المصري
من كبار الحفّاظ وأعلام الحديث، وثّقه البخاري وغيره ووصفوه بأعظم الصفات ولقّبوه بأعلى الألقاب(7)، ومع ذلك، فقد كذّبه بعض الأئمّة وتكلّم فيه آخر، وهذه عبارة الذهبي المشتملة على ذلك كلّه:
«أحمد بن صالح، أبو جعفر، المصري، الحافظ الثبت، أحد الأعلام، آذى النسائي نفسه بكلام فيه. ولد سنة 170 وحدّث عن ابن عيينة وابن وهب وخلق، وآخر من حدّث عنه ابن أبي داود.
قال ابن نمير: قال أبو نعيم: ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى، يريد أحمد بن صالح.
وقال أبو زرعة الدمشقي: سألني أحمد بن حنبل: من خلَّفت بمصر؟ فقلت: أحمد بن صالح. فسرَّ بذكره ودعا له.
وقال الفسوي: كتبت عن ألف شيخ، وكثيرٌ مّا أحد منهم أتّخذه عند الله حجّة، إلاّ أحمد بن صالح وأحمد بن حنبل.
وقال البخاري: أحمد بن صالح ثقة، ما رأيت أحداً يتكلّم فيه بحجّة.
وقال ابن وارة: أحمد بن صالح بمصر، وأحمد بن حنبل ببغداد، ومحمّد بن عبدالله بن نمير بالكوفة، والنفيلي بحرّان، هؤلاء أركان الدين.
وقال أبو حاتم والعجلي وجماعة: ثقة.
وقال أبو داود: كان يقوّم كلّ لحن في الحديث.
وقال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون.
وقال أبو سعيد ابن يونس: لم يكن عندنا ـ بحمد الله ـ كما قال النسائي، لم يكن له آفة غير الكبر.
وقال النسائي أيضاً: تركه محمّد بن يحيى.
ورماه يحيى بن معين بالكذب.
وقال ابن عدي: كان النسائي سيّئ الرأي فيه وأنكر عليه أحاديث، فسمعت محمّد بن هارون البرقي يقول: هذا الخراساني يتكلّم في أحمد بن صالح! لقد حضر مجلس أحمد بن حنبل فطرده من مجلسه، فحمله ذلك على أنْ يتكلّم فيه… ولولا أنّي شرطت أنْ أذكر في كتابي كلَّ من تُكلّم فيه لكنت اُجلّ أحمد بن صالح أنْ أذكره.
وقال معاوية بن صالح عن ابن معين: أحمد بن صالح كذّاب»(8).
4 ـ محمّد بن عمر الواقدي
من أعلام القوم في الحديث والمغازي، حتّى وصفه بعضهم بأميرالمؤمنين في الحديث! قال الذهبي:
«قال محمّد بن سلام الجمحي: هو عالم دهره.
وقال إبراهيم الحربي: الواقدي أمين الناس على الإسلام، وكان أعلم الناس بأمر الإسلام، فأمّا الجاهليّة فلم يعلم فيها شيئاً.
وقال مصعب الزبيري: والله ما رأينا مثل الواقدي قط.
وعن الدراوردي قال: الواقدي أميرالمؤمنين في الحديث.
وقال ابن سعد: قال الواقدي: ما من أحد إلاّ وكتبه أكثر من حفظه، وحفظي أكثر من كتبي.
وقال يعقوب بن شيبة: لمّا تحوّل الواقدي من الجانب الغربي يقال إنّه حمل كتبه على عشرين ومائة وقر، وقيل: كان له ستمائة قمطر كتب.
وقد وثّقه جماعة، فقال محمّد بن إسحاق الصنعاني: والله لولا أنّه عندي ثقة ما حدّثت عنه.
وقال مصعب: ثقة مأمون.
وسئل معن القزاز عنه فقال: أنا اُسأل عن الواقدي!
وقال جابر بن كردي: سمعت يزيد بن هارون يقول: الواقدي ثقة.
وكذا وثّقه أبو عبيد.
وقال إبراهيم الحربي: من قال إنّ مسائل مالك وابن أبي ذئب تؤخذ عن أصدق من الواقدي فلا يصدّق.
قال الخطيب في تاريخه: قدم الواقدي بغداد وولي قضاء الجانب الشرقي منها. قال: وهو ممّن طبّق الأرض شرقها وغربها ذكره، ولم يخف على أحد عرف أخبار الناس أمره، وسارت الركبان بكتبه في فنون العلم من المغازي والسير والطبقات وأخبار النبي والأحداث الكائنة في وقته وبعد وفاته، وكتب الفقه واختلاف الناس في الحديث وغير ذلك… وكان جواداً مشهوراً بالسخاء».
«قال مجاهد بن موسى: ما كتبت عن أحد أحفظ من الواقدي.
قلت: صدق. كان إلى حفظه المنتهى في السير والأخبار والمغازي والحوادث وأيّام الناس والفقه وغير ذلك»(9).
هذا، وقد جعل بعض المتكلّمين عدم رواية الواقدي حديث الغدير من أدلّة ضعف هذا الحديث واستندوا إلى ذلك في مقام الجواب عن استدلال الإماميّة به، كما في شرح المقاصد للتفتازاني وغيره.
ومع ذلك كلّه، فقد طعن في الرجل جماعة من الأئمّة، حتّى رماه بعضهم بوضع الحديث، فقد قال الخوارزمي في (جامع مسانيد أبي حنيفة) بعد حديث أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أعطى المقداد سهمين:
«فقد ذكره الواقدي كذلك في المغازي، وقد طعنوا فيه:
فقال يحيى بن معين: وضع الواقدي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عشرين ألف حديث.
وقال أحمد بن حنبل: الواقدي يركّب الأسانيد.
وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه.
وقال الشافعي: كتب الواقدي كذب…».
وفي (ميزان الاعتدال): «قال أبو غالب ابن بنت معاوية بن عمرو: سمعت ابن المديني يقول: الواقدي يضع الحديث».
«قال ابن راهويه: هو عندي ممّن يضع الحديث»(10).
5 ـ محمّد بن إسحاق صاحب السيرة
الذي أثنى عليه الأئمّة كالزهري والشافعي وغيرهما، ولقّبه بعضهم بأميرالمؤمنين في الحديث…(11):
«قال سليمان التيمي: كذّاب.
وقال وهيب: سمعت هشام بن عروة يقول: كذّاب.
وقال وهيب: سألت مالكاً عن ابن إسحاق فاتّهمه.
وقال عبدالرحمن بن مهدي: كان يحيى بن سعيد الأنصاري ومالك يجرحان ابن إسحاق.
وقال يحيى بن آدم: ثنا ابن إدريس قال: كنت عند مالك فقيل له: إنّ ابن إسحاق يقول: أعرضوا عليَّ علم مالك فإنّي بيطاره. فقال مالك: اُنظروا إلى دجّال من الدجاجلة»(12).
6 ـ نعيم بن حمّاد
أثنى عليه أكابر الأئمّة الثناء الجميل، وهو من رجال البخاري وأبي داود والترمذي وابن ماجة(13).
لكنّه رمي بالوضع على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والكذب على أبي حنيفة:
قال الذهبي: «قال الأزدي: كان نعيم يضع الحديث في تقوية السنّة وحكايات مزوّرة في ثلب النعمان كلّها كذب»(14).
وفي (حاشية الكاشف): «قال ابن عدي: كان يضع الحديث في تقوية السنّة، وحكايات عن العلماء في ثلب أبي حنيفة كلّها كذب. وقال ابن عدي: وقال هذا ابن حمّاد أبو بشر محمّد بن أحمد الدولابي.
وقال ابن يونس: روى أحاديث مناكير عن الثقات.
وذكره ابن حبّان في الثقات وقال: ربّما أخطأ ووهم.
ونسبه جماعة إلى الوضع».
7 ـ محمّد بن عثمان بن أبي شيبة
الحافظ الجليل والمحدّث الكبير، كما بتراجمه، ففي (الأنساب) مثلاً:
«أبو جعفر، محمّد بن عثمان بن محمّد بن أبي شيبة إبراهيم ابن العبسي مولاهم، من أهل الكوفة، سكن بغداد، كان كثير الحديث، واسع الرواية، ذا مروّة وفهم وإدراك، وله تاريخ كبير في معرفة الرّجال…
روى عنه: أبوبكر محمّد بن محمّد ابن الباغندي، ويحيى بن محمّد بن صاعد، والقاضي المحاملي، ومحمّد بن مخلد، وأبو عمرو ابن السماك، وأبوبكر الشافعي، وأبو علي الصواف، وغيرهم.
وثّقه صالح جزرة الحافظ»(15).
وإليك الكلمات في ذم هذا الحافظ العظيم!:
«وأمّا عبدالله بن أحمد بن حنبل فقال: كذّاب.
وقال ابن خراش: كان يضع الحديث.
قال ابن عقدة: سمعت عبدالله بن اُسامة الكلبي وإبراهيم بن إسحاق الصوّاف وداود بن يحيى يقولون: محمّد بن عثمان كذّاب. زادنا داود: قد وضع أشياء على قوم ما حدّثوا بها قط.
ثمّ حكى ابن عقدة نحو هذا عن طائفة في حقّ محمّد»(16).
8 ـ الزبير بن بكّار
الإمام في الأنساب… قال الخطيب بترجمته:
«الزبير بن بكّار بن عبدالله بن مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبير بن العوام، المديني، العلاّمة، كان ثقةً عالماً بالنسب، عارفاً بأخبار المتقدّميـن ومآثر الماضين. قال جحظة: كنت بحضرة الأمير محمّد بن عبدالله بن طاهر فاستؤذن عليه للزبير بن بكار حين قدم من الحجاز، فلمّا دخل عليه أكرمه وعظّمه وقال له: لئن باعدت بيننا الأنساب لقد قرّبت بيننا الآداب، وإنّ أميرالمؤمنين ذكرك واختارك لتأديب ولده، وأمر لك بعشرة آلاف درهم وعشر تخوت من الثياب، وعشرة أبغل تحمل عليها رحلك إلى حضرته بسرّ من رأى. فشكر ذلك وقبله»(17).
وترجم له ابن خلكان واليافعي واللّفظ للأخير:
«أبو عبدالله الزبير المعروف بابن بكّار القرشي الأسدي الزبيري. كان من أعيان العلماء، تولّى قضاء مكة، وصنّف الكتب النافعة، منها: كتاب أنساب قريش، جمع فيه شيئاً كثيراً، وعليه اعتماد الناس في معرفة أنساب القرشيّين، وله مصنّفات غيره دلّت على فضله واطّلاعه.
روى عن: ابن عيينة ومن في طبقته. وروى عنه: ابن ماجة القزويني وابن أبي الدنيا وغيرهما»(18).
وقال الذهبي وابن حجر: «قال الخطيب: كان ثقةً ثبتاً، عالماً بالنسب، عارفاً بأخبار المتقدّمين ومآثر الماضين، وله الكتاب المصنّف في مآثر قريش وأخبارها رحمه الله»(19).
وتوجد ترجمته أيضاً في:
تذكرة الحفاظ 2: 528، سير أعلام النبلاء 12: 311، الكاشف عن أسماء رجال الكتب الستّة 1: 318، العبر 2: 12، تهذيب الكمال في أسماء الرجال 9: 293، البداية والنهاية 11: 24، تهذيب التهذيب 3: 312، تاريخ بغداد 8: 467.
وغيرها من كتب الرجال والتراجم…
ولكنّ السليماني ـ وهو الحافظ الكبير(20) ـ ذكره في عداد من يضع الحديث(21).
9 ـ ابن قتيبة
عبدالله بن مسلم بن قتيبة بن محمّد، صاحب كتاب المعارف وغيره من المصنّفات، والمترجم له بكلّ إطراء وثناء وتوثيق في:
وفيات الأعيان
والأنساب 4: 431 .
والمنتظم 5: 102 .
وتاريخ بغداد 10: 170 .
والبداية والنهاية 11: 48 .
وبغية الوعاة في طبقات اللغويّين والنحاة 2: 63 .
قال ابن خلّكان: «أبو محمّد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، وقيل: المروزي، النحوي اللغوي، صاحب كتاب المعارف وأدب الكاتب… كان فاضلاً ثقة، سكن بغداد وحدّث بها… وتصانيفه كلّها مفيدة…»(22).
لكنّ بعض الأعلام تكلّم فيه، بل ادّعى الحاكم النيسابوري الإجماع على أنّه كذّاب… وهذه عبارة الذهبي:
«عبدالله بن مسلم بن قتيبة بن محمّد، صاحب التصانيف، صدوق، قليل الرواية. روى عن إسحاق بن راهويه وجماعة.
قال الخطيب: كان ثقة ديّناً فاضلاً.
وقال الحاكم: اجتمعت الاُمّة على أنّ القتيبي كذّاب.
قلت: هذه مجازفة قبيحة وكلام من لم يخف الله.
ورأيت في مرآة الزمان أنّ الدارقطني قال: كان ابن قتيبة يميل إلى التشبيه، منحرف عن العترة، وكلامه يدلّ عليه.
وقال البيهقي: كان يرى رأي الكراميّة.
وقال ابن المنادي: مات في رجب سنة 276 من هريسة بلعها سخنة فأهلكته»(23).
10 ـ أسد بن عمرو
من أعلام الفقهاء وأكابر أصحاب أبي حنيفة، ومن مشايخ أحمد وأمثاله من الأئمّة… كما قال السمعاني بترجمته:
«روى عنه: أحمد بن حنبل ومحمّد بن بكار بن الريّان وأحمد بن منيع والحسن بن محمّد الزعفراني. ولي القضاء ببغداد وواسط، كان عنده حديث كثير، وهو ثقة إن شاء الله. هكذا قال أبوبكر الخطيب، ومات سنة 188 وقيل: 190.»(24).
وإليك عبارة الذهبي المشتملة على كلماتهم في الطعن عليه:
«أسد بن عمرو، أبوالمنذر البجلي، قاضي واسط، عن ربيعة الرأي ومطرف.
قال يزيد بن هارون: لا يحلّ الأخذ عنه.
وقال يحيى: كذوب ليس بشيء.
وقال البخاري: ضعيف.
وقال ابن حبّان: كان يسوي الحديث على مذهب أبي حنيفة.
وقال أحمد بن حنبل: صدوق، وقال مرّةً: صالح الحديث، كان من أصحاب الرأي.
وما قدّمناه من قول ابن معين، إنّما رواه أحمد بن سعيد بن أبي مريم، وقد روي عن يحيى بن محمّد العبسي أنّه قال: لا بأس به. وقال عبّاس: سمعت يحيى يقول: هو أوثق من نوح بن دراج ولم يكن به بأس، وقد سمع من ربيعة الرأي وغيره، وقال: ولمّا أنكر بصره ترك القضاء رحمه الله.
وقال ابن عمّار الموصلي: لا بأس به.
قلت: صحب الإمام أبا حنيفة وتفقّه عليه. كان من أهل الكوفة، فقدم بغداد وولي قضاء الشرقية بعد القاضي العوفي.
وضعّفه الفلاّس.
وقال النسائي: ليس بقوي.
وقال الدارقطني: يعتبر به.
وقال ابن سعد: مات سنة 190.
وقال ابن عدي: لم أر له شيئاً منكراً وأرجو أنّه لا بأس به.
ومات سنة 190 قاله ابن حبّان»(25).
11 ـ محمّد بن عبدالله بن عبدالحكم
تلميذ الشافعي، وقال ابن خزيمة: ما رأيت في فقهاء الإسلام أعرف بأقاويل الصّحابة والتابعين منه… إلى غير ذلك ممّا قيل في مدحه.
لكنّ ابن الجوزي أدرجه في الضعفاء وقال: «كذّبه الربيع بن سليمان».
قال الذهبي: «محمّد بن عبدالله بن الحكم، فقيه أهل مصر، روى عن ابن وهب والشافعي وتفقّه به، وأنس بن عياض، أكثر عنه الأصم وغيره.
وقال ابن الجوزي في الضعفاء: روى عن مالك.
وهذا خطأ ظاهر من أبي الفرج، ما أدرك مالكاً.
ثمّ قال ابن الجوزي: كذّبه الربيع بن سليمان.
قلت: بل هو صدوق. قال النسائي: هو أظرف من أن يكذب.
قد احتجّ به النسائي وكان ثقة. وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم: صدوق ثقة. وقال ابن خزيمة: ما رأيت في فقهاء الإسلام أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين منه. وكان أعلم من رأيت بمذهب مالك. أمّا الإسناد فلم يكن يحفظه»(26).
والألطف من ذلك: كذبه على شيخه الشافعي في مسألة وطي المرأة في الدّبر، إذ نسب إليه القول بالجواز، وهو عندهم من القبائح الشنيعة:
قال الذهبي: «أخبرتنا خديجة بنت الرضي، أخبرنا أحمد بن عبدالواحد، أنا عبدالمنعم الفراوي، أنا عبدالغفّار بن محمّد، أنا أبو سعيد الصيرفي، ثنا أبوالعبّاس الأصم: سمعت محمّد بن عبدالله، سمعت الشافعي يقول: ليس فيه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في التحليل والتحريم حديث ثابت، والقياس أنّه حلال.
قلت: هذا منكر من القول، بل القياس التحريم، يعني الوطئ في دبر المرأة. وقد صحّ الحديث فيه. وقال الشافعي: إذا صحَّ الحديث فاضربوا بقولي على الحائط. قال ابن الصبّاغ في الشامل عقيب هذه الحكاية: قال الربيع: والله لقد كذب على الشافعي، فإنّ الشافعي ذكر تحريم هذا في ستّة كتب من كتبه»(27).
12 ـ الحسن بن علي بن شبيب المعمري
من أعلام الحفّاظ الأجلاّء، وأكابر المحدّثين النبلاء، كما لا يخفى على من يراجع تراجمه في: كتاب الأنساب للسمعاني، وتذكرة الحفّاظ للذهبي، وغيرهما من معاجم الرجال.
قال السمعاني: «أبو علي الحسن بن علي بن شبيب المعمري الحافظ، إنّما اشتهر بهذه النسبة لأنّه عني بجمع حديث معمر، وقيل: إنّ اُمّه بنت سفيان ابن أبي سفيان صاحب معمر بن راشد فاُنسب إليها، وكان جليل القدر، كثير السماع، صاحب كتاب اليوم والليلة، كثرت الرواية عنه، وسمعت جزءً من هذا الكتاب بواسط عن قاضيها أبي عبدالله الجلابي، وروى الكتاب كلّه محمّد بن إدريس الجرجرائي الحافظ عن أبي بكر محمّد بن أحمد المعيد عنه، سمع هدبة بن خالد وعبيدالله بن معاذ العنبري وعلي بن المديني ويحيى بن معين وداود بن عمرو الضبّي ودحيم بن اليتيم وأحمد بن عمرو بن السرح وخلقاً يطول ذكرهم.
روى عنه: يحيى بن صاعد ومحمّد بن مخلد وأبوبكر ابن النجاد وأبوسهل ابن زياد»(28).
ومع هذا، فقد اتّهمه غير واحد من الأعلام:
قال الذهبي: «الحسن بن علي بن شبيب المعمري الحافظ، واسع العلم والرحلة، سمع علي بن المديني وشيبان وطبقته، وله غرائب يرفعها.
قال الدارقطني: صدوق حافظ.
وقال ابن عبدان: ما رأيت في الدنيا صاحب حديث مثله.
وقال البردعي: ليس بعجيب أن يتفرّد المعمري بعشرين أو ثلاثين حديثاً في كثرة ما كتب.
قال عبدان: سمعت فضلك الراوي وجعفر بن الجنيد يقولان: المعمري كذّاب. قال عبدان: حسداه، لأنّه كان رفيقهما، فكان إذا كتب حديثاً غريباً لايفيدهما.
وقال ابن عدي: سمعت أبا يعلى يقول: كتب إليّ موسى بن هارون: أنّ المعمري حدّث عن العبّاس البرسي عن يحيى القطّان عن عبيدالله عن نافع عن ابن عمر يحدّث: لعن الله الواصلة.. فزاد فيه: ونهى عن النوح، فاكتب إلينا بصحّته، فإنّ النسخة عندك عند العبّاس. فكتب إليه: ما فيه هذا»(29).
(1) ميزان الإعتدال 1: 574 .
(2) تنزيه الشريعة الغرّاء 1: 54 .
(3) كتاب الموضوعات 1: 130.
(4) ميزان الاعتدال 2: 339.
(5) وفيات الأعيان 1: 280 رقم 126 .
(6) تنزيه الشريعة الغرّاء 1: 43 .
(7) اُنظر: سير أعلام النبلاء 12: 160/59.
(8) ميزان الاعتدال 1: 241/405.
(9) ميزان الاعتدال 6: 273/7999.
(10) ميزان الاعتدال 6: 273/7999.
(11) سير أعلام النبلاء 7: 33 .
(12) ميزان الاعتدال 6: 57/7203.
(13) سير أعلام النبلاء 10: 595 .
(14) ميزان الاعتدال 7: 44/9109.
(15) الأنساب 4: 141، وانظر: سير أعلام النبلاء 14: 21، تاريخ بغداد 3: 42، مرآة الجنان 2: 230 وغيرها .
(16) ميزان الاعتدال 6: 255.
(17) تاريخ بغداد 8: 467 ملخّصاً.
(18) مرآة الجنان 2: 124، وفيات الأعيان2: 311.
(19) تذهيب التهذيب، تهذيب التهذيب 3: 269 .
(20) أحمد بن علي البخاري، المتوفى سنة 404، توجد ترجمته في سير أعلام النبلاء 17: 200 .
(21) ميزان الاعتدال 3: 98.
(22) وفيات الأعيان 3: 42 ـ 44.
(23) ميزان الاعتدال 4: 198 ـ 199/4606.
(24) الأنساب 4: 476 «القسري» .
(25) ميزان الاعتدال 1: 363/815.
(26) ميزان الاعتدال 6: 219 ـ 220/7821.
(27) ميزان الاعتدال 6: 219 ـ 220/7821.
(28) الأنساب 5: 232 «المعمري».
(29) ميزان الاعتدال 2: 253/1897.