كان الحسن مدلّساً
وكان الحسن البصري يكثر التدليس في الحديث، نصَّ على ذلك الذهبي(1).
وقال ابن حجر في (التقريب):
«وكان يرسل كثيراً ويدلّس. قال البزّار: كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم، فيتجوّز ويقول: حدّثنا وخطبنا، يعني قومه الذين حدّثوا وخطبوا بالبصرة»(2).
وفي (تهذيب التهذيب):
«قال ابن المديني: سمعت يحيى ـ يعني القطان ـ وقيل له: كان الحسن يقول: سمعت عمران بن حصين. قال: أمّا عن نفسه فلا. وقال ابن المديني وأبو حاتم: لم يسمع منه، وليس يصحّ ذلك من وجه مثبت»(3).
هذا، وقد نصّ ابن حجر في (شرح نخبة الفكر) على أنّ التدليس بصيغة صريحة كذب(4)، وقد أوضح القاري في (شرحه) المراد من الصيغة الصريحة فقال: «وهي لفظة أخبرني أو حدّثني أو سمعته»(5).
وذكر ابن الجوزي أنّ التدليس من تلبيس إبليس، حيث قال في كتاب (تلبيس إبليس):
«ومن تلبيس إبليس على علماء المحدّثين: رواية الحديث الموضوع من غير أنْ يبيّنوا أنّه موضوع، وهذه جناية منهم على الشرع، ومقصودهم تنفيق أحاديثهم وكثرة رواياتهم، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: من روى عنّي حديثاً يرى أنّه كذب فهو أحد الكاذبين. ومن هذا الفن تدليسهم في الرواية، فتارة يقول أحدهم: فلان عن فلان، أو قال فلان عن فلان، يوهم أنّه سمع منه ولم يسمع، وهذا قبيح، لأنّه يجعل المنقطع في مرتبة المتّصل»(6).
وقال النووي في (شرح مسلم):
«التدليس قسمان: أحدهما: أن يروي عمّن عاصره ما لم يسمع منه، موهماً سماعه قائلاً: قال فلان أو عن فلان أو نحوه. وربّما يسقط شيخه أو أسقط غيره لكونه ضعيفاً أو صغيراً، تحسيناً لصورة الحديث، وهذا القسم مكروه جدّاً، ذمّه أكثر العلماء، وكان شعبة من أشدّهم ذمّاً له، وظاهر كلامه أنّه حرام وتحريمه ظاهر، فإنّه يوهم الإحتجاج بما لا يجوز الإحتجاج به، ويتسبّب أيضاً إلى إسقاط العمل بروايات نفسه، مع ما فيه من الغرور، ثمّ إنّ مفسدته دائمة، وبعض هذا يكفي في التحريم، فكيف باجتماع هذه الاُمور»(7).
(1) ميزان الاعتدال 1: 527/1968.
(2) تقريب التهذيب 1: 166/1357.
(3) تهذيب التهذيب 2: 234/488.
(4) شرح نخبة الفكر: 82.
(5) شرح شرح نخبة الفكر: 419.
(6) تلبيس إبليس: 136 ـ 137.
(7) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 1: 33.