الأمر الرابع
ولابأس بإيراد كلام لأحد كبار الحفّاظ وهو الحاكم النيسابوري بشأن التابعين، وهذا نصّ عبارته:
«ذكر النوع الرابع عشر من علوم الحديث
(النوع الرابع عشر) من هذا العلم معرفة التابعين. وهذا نوع يشتمل على علوم كثيرة فانهم على طَبَقات في الترتيب; ومهما غفل الإنسان عن هذا العلم لم يفترق بين الصحابة والتابعين ثم لم يفرق أيضاً بين التابعين وأتباع التابعين. قال اللّه عزّوجلّ: (وَالسّابِقُونَ اْلأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرينَ وَاْلأَنْصارِ وَالَّذينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسان رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنّات تَجْري تَحْتَهَا اْلأَنْهارُ خالِدينَ فيها أَبَدًا ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ).
وقد ذكرهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كما حدّثناه أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك ببغداد، وأبو العباس محمد بن يعقوب الأموي بنيسابور، وأبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي بمرو، قالوا: حدّثنا أبو قلابة عبدالملك بن محمد الرقّاشي، حدّثنا أزهر بن سعد، حدثنا ابن عون، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبداللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الّذين يلونهم. فلا أدري أذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بعد قرنه قرنين أو ثلاثة؟
قال الحاكم:
هذا حديث مخرج في الصحيح لمسلم بن الحجاج وله علة عجيبة.
حدثناه محمد بن صالح بن هانئ حدّثنا محمّد بن نُعيم، حدّثنا عمرو بن علي، حدّثنا أزهر، حدثنا ابن عون، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبداللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خير الناس قرني. قال: فحدّثتُ به يحيى بن سعيد. فقال: ليس في حديث ابن عون عن عبداللّه. فقلت له: بلى فيه. قال: لا. فقلت: إنّ أزهر حدّثنا عن ابن عون، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبداللّه قال: رأيتُ أزهر جاء بكتابه ليس فيه عن عبداللّه قال: عمرو بن علي: فاختلفت إلى أزهر قريباً من شهرين للنظر فيه. فنظر في كتابه ثم خرج فقال: لم أجده إلاّ عن عبيدة عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم.
فخير الناس قرناً بعد الصحابة مَنْ شَافَه أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وحفظ عنهم الدين والسنن، وهم قد شهدوا الوحي والتنزيل»(1).
(1) معرفة علوم الحديث: 41.