الكتاب
وهذا الكتاب عنوانه «آفة أصحاب الحديث» كما ذكره سبط المؤلف في تاريخه(1).
أو «آفة أصحاب الحديث والردّ على عبد المغيث»(2).
وربما ذكره بعضهم بعنوان «آفات أصحاب الحديث»(3).
وهو كتاب وحيد في بابه، فريد في موضوعه، بكر في مادته، استوفى مسألة صلاة أبي بكر بحثاً وتحقيقاً، حتى أعلن الحق، وكشف عن الحقيقة التي طالما سعى أصحابه في إخفائها وإسدال الستار عليها.
وقد جاء في مقدمة المؤلف.
«وسبب وضع هذا الكتاب أن بعض طلبة الحديث سألني: هل في الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم صلّى خلف أبي بكر؟
فقلت: ليس هذا في الصحيح . . .
فبلغ هذا إلى شيخ يقرأ الحديث، فنفر من هذا، وكان قد رأى بعض المحدّثين قد سئل عن هذا فذكر في الجواب أنه صلّى خلف أبي بكر . . . فأخذ هذا الشيخ قول الشيخ الأول، وكتبه في جزء وزاد فيه ما يتكلّم به الغوغاء، فقال: لو جرى هذا القول في غير دار السلام لوجب إنكاره، إذ لا يؤمن أن يجعل هذا سلّماً لأهل البدع.
فنظرت في ذلك الجزء فرأيت الحديث . . . يدور على شبابة ابن سوار، فقلت: هذا مداره على شبابة بن سوار، وقد أنكره أحمد بن حنبل عليه.
فغيّر هذا الشيخ ذلك التصنيف وصنّف جزء آخر، ذكر فيه حديث شبابة، وقد أخرجه من طرق ليس فيها شبابة.
فقلت: إنما تكلّمت على ما رأيت ولم يكن في الكتاب الأول غير حديث شبابة وما أنكر أنه قد روي من غير طريقه، ولكن ليس في الطرق ما يثبت، ثم تأمّلت تصنيفه الثاني، فإذا به كلام من تعلّق بعلم الحديث ولم يفهم فقهه . . .».
فابن الجوزي قد كتب هذا الكتاب ردّاً على التصنيف الثاني لمعاصره الشيخ عبدالمغيث بن زهير الحربي المتوفى سنة 583 الذي ألّفه في إثبات أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم صلّى خلف أبي بكر.
وقد كتبه بنهج واضح، واُسلوب مستقيم، استقصى فيه أحاديث المسألة، ثم نظر فيها نظرة الفقيه المحدّث الرجالي، وناقشها على ضوء القواعد المقررة لدى المحققين من العلماء حتى انتهى إلى النتيجة التي توخّاها، وأثبت بطلان رأي خصمه . . .
وأما ردّه على التصنيف الأول ـ الذي أشار إليه ـ فاسمه عند البغدادي: «علّة الحديث في أبي بكر أمّ الرسول»(4) وعند الحافظ ابن رجب «علم الحديث المنقول في أن أبا بكر أمّ الرسول»(5) ولعلّ الصحيح في عنوانه «علّة الحديث المنقول في أن أبا بكر أمّ الرسول».
ويذكر أن لعبد المغيث الحربي مصنّفاً في فضائل يزيد بن معاوية قال الحافظ الذهبي «أتى فيه بالموضوعات»(6) وقد ردّ عليه الحافظ ابن الجوزي في كتاب «الردّ على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد»(7)قال الحافظ ابن كثير: «ردّ عليه ابن الجوزي فأجاد وأصاب»(8).
(1) مرآة الزمان في تاريخ الأعيان، ترجمة ابن الجوزي 8 / 483 ـ 488.
(2) هدية العارفين: 521.
(3) مؤلفات ابن الجوزي 32 عن تاريخ الادب العربي لبرو كلمان.
(4) هدية العارفين 1 / 522.
(5) ذيل طبقات الحنابلة.
(6) شذرات الذهب 4 / 275.
(7) كشف الظنون 1 / 839 ، وقد طبع كتاب ابن الجوزي في بيروت أخيراً.
(8) تاريخ ابن كثير 12 / 401.