7 ـ لا يصلح ذهاب حقّ أحد
وأمّا الرواية: «لا يصلح ذهاب حقّ أحد» فهذا نصّها:
عن ضريس قال: سألت أبا جعفر عن شهادة أهل الملل، هل تجوز على رجل مسلم من غير أهل ملّتهم؟
فقال: لا، إلاّ أن لا يوجد في تلك الحال غيرهم، وإنْ لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصية، لأنه لا يصلح ذهاب حق امرئ مسلم ولا تبطل وصيّته»(1).
وعن الحلبي ومحمّد بن مسلم عن أبي عبداللّه قال: «سألته هل تجوز شهادة أهل ملّة من غير أهل ملّتهم؟ قال: نعم إذا لم يوجد من أهل ملّتهم جازت شهادة غيرهم، إنه لا يصلح ذهاب حقّ أحد»(2).
وعن سماعة قال: سألت أبا عبداللّه عليه السّلام عن شهادة أهل الذمّة. فقال:
لا تجوز إلاّ على أهل ملّتهم، فإنْ لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصيّة، لأنه لا يصلح ذهاب حقّ أحد»(3).
تقريب الاستدلال: إن الدار أو الدابّة المستأجرة ذات المنفعة، إن ذهبت المنفعة هدراً ـ بأنْ لا يكون في الإجارة الفاسدة ضمانٌ ـ ضاع حقّ السلم، وهذا ما لا يصلح، بمقتضى النصوص المذكورة، فإنّها وإنْ كانت واردةً في مورد الوصيّة إلاّ أنّ ذلك لا يخصّصها بل التعليل الموجود فيها معمّم كما لا يخفى، أو أنّ الإمام قد طبّق الكبرى الكليّة على مورد الوصيّة.
وعلى الجملة، فالمنفعة والعمل حقٌّ، ولا يصلح ذهاب حقّ أحد، فالضمان ثابت في الإجارة الفاسدة كما هو ثابت في الصحيحة.
ولكنْ فيه نظر:
فإنّ الكبرى الكليّة مسلّمة، لكنّ موردها صورة استيفاء المنفعة أو وقوع العمل بأمر من المستأجر، وأمّا لو استأجر الدابّة ـ مثلاً ـ بعقد فاسد ولم ينتفع بها أصلاً، لم يتحقّق لصاحبها حقٌ كي يلزم من عدم دفع اُجرة المثل ذهاب حقّه.
وبعبارة اخرى: الذهاب فرع الوجود، إنه لم يتحقّق لصاحب الدابّة على المستأجر حقٌ ليكون ضامناً لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد، فلا مصداقيّة هنا لقاعدة ما لا يضمن… هذا أوّلاً.
وثانياً: إنّ العمل فعل اختياري للإنسان، وهو عرض قائم به، فلا يكون مصداقاً لـ«الحق»، كما لا يكون مصداقاً لـ«الملك»، ولذا فإن عمل الحرّ لا يكون ملكاً له، فلا يقال لمن يتمكّن من القيام بأعمال كثيرة أنّ له ملكاً كثيراً كما تقدّم في محلّه.
وعلى الجملة، فإن صدق «الحق» على «العمل» في غاية الإشكال.
(1) وسائل الشيعة 19 / 309، الباب 20 من أبواب أحكام الوصايا، الرّقم: 1.
(2) وسائل الشيعة، نفس المصدر، الرّقم: 3.
(3) وسائل الشيعة 19 / 311، الرّقم: 5.