في مقتضى الأصل إذا شك في المثليّة و القيميّة
وبالجملة، فإنّ الفقهاء لا يختلفون في أنّ ضمان المثلي بالمثل والقيمي بالقيمة، إنّما الكلام في تطبيق هذا الكلّي على المصداق، فما تبين لنا كونه مثليّاً أو قيميّاً فهو، وما لم يتبيّن فالمرجع فيه القواعد والاصول، وفي ذلك احتمالات:
الأوّل: إن الأصل في كلّ تالف شك في مثليّته وقيميّته هو الضمان بالمثل، لأنّ الشيء المأخوذ يكون في عهدة الآخذ حتى يؤدّيه، فإذا تعذّر أداء الشيء وجب دفع ما يقاربه في الجهات الشخصيّة والماليّة.
وبعبارة اخرى: إنّ أداء الشيء الرافع لضمانه هو أداؤه بشخصه ونوعه وجنسه وماليّته، فإذا تلف تعذر أداؤه بشخصه وأمّا ساير خصوصيّاته فالمفروض هو القدرة على أدائها، وذلك يتحقق بدفع المثل، إلاّ إذا قام الإجماع في مورد على دفع القيمة.
والثاني: إذا شك في مثليّة الشيء أو قيميّته، فالأصل هو الضمان بالقيمة، لأنّ كلْ شيء فله حيثيّة العينيّة وحيثيّة الماليّة، فإذا امتنع أداء الشيء بعينه بقي على العهدة ماليّته ومع دفع القيمة يخرج الضامن عن العهدة، إلاّ ما ثبت بالإجماع وجوب دفع مثله.
ويؤيّده: ما جاء في النصوص من «يغرم قيمته»(1) و«يغرم ثمنه»(2)ونحو ذلك، وعدم ورود الضمان بالمثل في شيء من النصوص.
والثالث: تخيير الضامن بدفع أيّهما شاء.
والرابع: تخيير المالك بإلزام الضامن بأيّهما شاء.
والخامس: أنْ يحضر الضامن المثل والقيمة معاً عند المالك، فإذا خلّى بينه وبينهما خرج عن العهدة، لكنْ ليس للمالك أخذ كليهما للعلم اجمالاً بأن أحدهما له والآخر للضامن، فهو لا يستحقّ إلاّ أحدهما، وليس «الأحد» المردّد، ولا طريق للتعيين إلاّ القرعة.
والسادس: إذا تصالحا فهو، وإلاّ يرجع الأمر إلى الحاكم، فيتحقق الصلح القهري بينهما.
والسّابع: التنصيف، نظير درهم الودعي، فيأتي الضّامن بالمثل والقيمة، ويأخذ المالك النصف من كلٍّ منهما.
قال الشيخ:
ولا يبعد أن يقال إن الأصل هو تخيير الضامن… والأقوى: تخيير المالك من أوّل الأمر… نعم، يمكن أن يقال… التخيير في الأداء… ولكنْ يمكن أن يقال… هو الضمان بالمثل… .
(1) وسائل الشيعة 29 / 91، باب أن من قتل مملوكه فلا قصاص عليه، الرّقم: 1.
(2) وسائل الشيعة 29 / 96، باب أن المملوك يقتل بالحر ولا يقتل الحر بالمملوك، الرّقم: 3 و 5.