الخامس(1)
من أحكام المقبوض بالبيع الفاسد
حكم المنافع المستوفاة
قال الشيخ:
إنه لو كان للعين المبتاعة منفعة استوفاها المشتري قبل الرد، كان عليه عوضها على المشهور… ويدلّ عليه عموم قوله: لا يحلّ مال امرئ مسلم لأخيه إلاّ عن طيب نفسه، بناءً على صدق المال على المنفعة… خلافاً للوسيلة، فنفى الضمان، محتجّاً بأنّ الخراج بالضمان، كما في النبوي المرسل.
أقول:
لو استوفى المشتري منفعة العين والبيع فاسد، كالدّار سكنها والدابة ركبها… وغير ذلك، فهل يكون ضامناً؟ المشهور هو الضمان، وعليه دفع القيمة. و عن ابن حمزة التصريح بعدم الضمان إن كانا جاهلين بالفساد، مستدلاًّ بما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أنه قال: الخراج بالضمان، وهذه عبارته:
«فإذا باع أحدٌ بيعاً فاسداً وانتفع به المبتاع ولم يعلما بفساده، ثم عرفا واستردّ البائع المبيع، لم يكن له استرداد ثمن ما انتفع به أو استرداد الولد إنْ حملت الاُمّ عنده، لأنه لو تلف لكان من ماله، والخراج بالضمان(2).
وفي المبسوط: فصلٌ في أنّ الخراج بالضّمان، إذا كان لرجل مال فيه عيب، فأراد بيعه وجب أن يبيّن للمشتري عيبه… فإنْ لم يبيّنه واشتراه إنسانٌ فوجد به عيباً، كان المشتري بالخيار… وإنْ كان حصل نماء وفائدة… فلا يخلو من أن يكون كسباً من جهته أو نتاجاً وثمرة، فإنْ كان كسباً… فإنه يردّ المعيب ولا يرد الكسب بلا خلاف، لقوله صلّى اللّه عليه وآله: الخراج بالضمان… .
قال: الخراج بالضمان معناه: أن الخراج لمن يكون المال بتلف من ملكه، ولمّا كان المبيع بتلف من ملك المشتري لأنّ الضمان انتقل إليه بالقبض، كان الخراج له، فأمّا النتاج والثمرة فإنهما أيضاً للمشتري…»(3).
فالذي يظهر من الكلمات: أن «الخراج بالضمان» قاعدة كانت متداولة بين الفقهاء، ولذا قال فخر المحقّقين: إنّ هذا الحديث من جوامع الكلم.
وقال الميرزا الاستاذ بوثوق صدور هذه القضيّة عن النبي صلّى اللّه عليه وآله، ولا ينبغي الخدشة في سندها(4).
(1) وهو الثالث في كتاب المكاسب.
(2) الوسيلة إلى نيل الفضيلة: 255.
(3) المبسوط في فقه الامامية 2 / 126.
(4) وأنظر: المكاسب والبيع 1 / 330.