الكلام في سند: على اليد ما أخذت…
أمّا سنداً، فلا يوجد هذا الحديث في كتبنا الحديثية، بل هو في كتب العامّة، وهو عن سمرة بن جندب، وهو ملعونٌ، فإنه ممن حرّص الناس على الخروج لقتل الحسين عليه السلام(1)، وهو صاحب النخلة في بيت الأنصاري وقضيّته معروفة(2).
فالحديث ساقط سنداً بتمام المعنى.
إلاّ أنه مذكور في كتبنا الفقهيّة منذ القديم، وقال الشيخ: دلالته ظاهرة وسنده منجبر، بل في عبارة الوحيد البهبهاني(3): عمل كلّ الفقهاء بمضمونها، بل أرسل في بعض الكتب إرسال المسلّم، وهو عجيب.
والذي قرّرناه في الاصول: لو أنّ حديثاً اشتهر بين الأصحاب، وعلمنا باستناد المشهور إليه، وأنهم استكشفوا صدوره من المعصوم عليه السلام، فإنّ ذلك يكون منشأً لعلمنا بصدوره ويكون حجةً، أمّا لو احتملنا أنهم عملوا به لمطابقته للقواعد، فليس بحجة.
وعلى هذا، فلا دليل على حجيّة هذا الحديث، فلا نأخذ به إلاّ بقدر ما توافق عليه مع نصوصنا في مختلف الموارد، كما سيأتي.
قال الشيخ:
والخدشة في دلالته: بأن كلمة «على» ظاهرة في الحكم التكليفي، فلا يدلّ على الضّمان، ضعيفة جدّاً، فإنّ هذا الظهور إنما هو إذا اُسند الظرف إلى فعل من أفعال المكلّفين، لا إلى مال من الأموال، كما يقال: عليه دين، فإن لفظة «على» حينئذ لمجرّد الاستقرار في العهدة، عيناً كان أو ديْناً.
(1) هذا ـ على ما ذكره بعض المؤرّخين كابن أبي الحديد ـ أعظم مساوئه، أمّا مساؤه الاُخرى: كروايته ـ في مقابل المائة ألف درهم من معاوية أنّ قوله تعالى: (وَمِنَ النّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ…) نزل في علي، وقوله (وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْري نَفْسَهُ…) نزل في ابن ملجم، وكذا جناياته في البصرة وبيعه الخمر… وغير ذلك، فمذكورة بتراجمه في الكتب.
(2) وسائل الشيعة 25 / 428، باب عدم جواز الإضرار بالمسلم، الرّقم: 3.
(3) حاشية مجمع الفائدة والبرهان: 133.