إنما الكلام في مثل: «أمضيت» ونحوه، قال الشيخ:
الكلام في القبول بلفظ «أمضيت» ونحوه
ثم إنّ في انعقاد القبول بلفظ «الإمضاء» و«الإجازه» و«الإنفاذ» وشبهها وجهين.
وظاهره الإشكال.
فقال السيد:
«الظّاهر أن وجه الاشكال استعمال هذه الألفاظ غالباً في مقام إمضاء العقد الواقع مع إيجابه وقبوله كما في إجازة الفضولي… ولكنّ الحق كفايتها في القبول بعد مساعدة معناها عليه، إذ لا فرق بينها وبين لفظ رضيت كما لا يخفى»(1).
وأشكل شيخنا الاستاذ بوجهين، الأوّل:
إن «أمضيت» ونحوه ألفاظ تفيد ترتّب الأثر، وترتّب الأثر متأخّر رتبةً عن المقتضي والسبب، ولولا المقتضي فلا أثر ولا ترتّب للأثر. هذا من جهة. ومن جهة اخرى: «المضي» و«الامضاء» مثل «الوجود» و«الايجاد» واحد حقيقةً واثنان اعتباراً.
وعليه، فإذا كان المضيّ في الرتبة المتأخرة فالإمضاء كذلك، فلا يكون الإمضاء في مرتبة المقتضي، حتى يكون حكم «أمضيت» حكم «رضيت» حقيقةً، كما ذكر السيّد.
نعم، يمكن أن يكون كنايةً، لأنّ «المضي» من لوازم تماميّة المقتضي، وتماميته بـ«قبلت»، فله أنْ يقول «أمضيت» كناية عن «قبلت» من باب ذكر اللاّزم وإرادة الملزوم.
والثاني: إن المفروض كون «أمضيت» ونحوه إنشاءً لجزء السّبب، ولكنّها امور منتزعة من مقام المسبَّب، فكيف يعقل أن ينشأ بها السبب؟
وتحصّل: استحالة أن يكون «أمضيت» بمنزلة «قبلت» و«رضيت» على وجه الحقيقةً، نعم، لا مانع من ذلك على وجه الكناية(2)]1[.
]1[ أقول: ظاهر سكوته طاب ثراه على كلام شيخه قبوله، لكنّ المحقق الخوئي اعترضه بقوله: «ويرد عليه: أن المعاملة الفضولية والإيجاب الساذج سيّان في عدم تأثيرهما في المنشأ مع قطع النظر عن الإمضاء والإجازة والإنفاذ، ففعليّة التأثير فيهما تتوقف على تحقّق الإجازة والقبول، فكما لا مانع من تتميم العقد الفضولي وإضافته إلى نفسه بالألفاظ المذكورة، كذلك لا مانع من قبول الإيجاب بها، وعليه، فيكون مضيّ العقد ونفوذه بنفسه أمضيت وأنفذت وأجزت في كلا المقامين…»(3).
ولكنّ الملاحظ وجود الفرق بين المقامين، ففي مورد الفضولي عقد تام محقّق إلاّ أنه صادر من غير المالك، فإجازته وإنفاده يوجب إضافته إليه ويترتب عليه الأثر، بخلاف المقام، فإنّ القبول جزء للعقد وبه يتحقّق. وبما ذكرنا ظهر ما في تعبيره عن الإجازة في بيع الفضولي بـ«تتميم العقد».
(1) حاشية المكاسب 1 / 423.
(2) حاشية المكاسب 1 / 273.
(3) مصباح الفقاهة 3 / 28.