الثاني: الإجماع على التنجيز.
قلت: قد يستفاد من كلمات بعض الأعلام أنّ التعليق يوجب عدم الجزم، وعليه، فإنّ عدم التنجيز ينحصر بما إذا كان المعلّق عليه مجهولاً في الحين أو في المستقبل، فلو علّق على ما هو معلوم الحصول كقوله: بعتك هذا إن كان اليوم يوم جمعة، فإنّ الجزم موجود في ذلك، فليس قولهم بأنّ التعليق ينافي الجزم على إطلاقه.
وقد يستفاد من كلام بعض آخر: أنّ التعليق يستلزم انفكاك المنشأ في مقام الفعليّة في الخارج عن المنشأ في مقام الإنشاء، فكأنّهم يعتبرون عدم الانفكاك بينهما، نظير البحث في الواجب المعلّق، بمعنى: أنه إن علّق الملكيّة على شيء كأنْ يقول: ملّكتك إن جاء زيد غداً فالملكيّة تتحقّق للطرف بعد حصول المعلّق عليه، فانفكّ التمليك عن الملكية، مع أن نسبة أحدهما إلى الآخر نسبة الايجاد إلى الوجود في كونهما واحداً حقيقةً.
وبعبارة اخرى: إن كان التمليك قبل مجئ زيد، فهذا خلف، وإن كان بعده، لزم الانفكاك.
لكنّ هذا المعنى منحصر بما يكون التعليق استقبالياً، أعمّ من أن يكون معلوماً أو مجهولاً.
إذا عرفت هذا، فإن القدر المتيقن من معقد الإجماع هو مجمع المحذورين، وهو أنْ يكون مجهولاً استقباليّاً. هذا أوّلاً.
وثانياً: فإن هذا الإجماع نظري وليس بالإجماع الكاشف عن رأي المعصوم عليه السلام أو الدليل المعتبر[1].
[1] وهكذا أجاب غير واحد من الأكابر، كالسيّد والمحقق الخراساني والسيّد الخوئي قدست أسرارهم، لكنّ بعض مشايخنا ذهب إلى أن الإجماع هو العمدة في هذه المسألة، وأنه لا مجال لإسقاطه عن الاعتبار من جهة المدركيّة أو المنقوليّة، لكثرة المدّعين لها وجلالتهم وقوّة كلماتهم، إلاّ أنه ـ مع ذلك ـ لم يجزم بالاشتراط وقال بالإحتياط الوجوبي.
Menu