التحقيق في المقام
والتحقيق أنْ يقال:
إنه إن كان المشتري عند أخذ المبيع عالماً بالفساد، كان أخذه غصباً وعدواناً، وكان بقاء المأخوذ في يده استمراراً للمعصية، والعقل مستقل بالتخلّص من المعصية، وهو لا يحصل إلاّ بردّ المقبوض إلى مالكه، والمؤونة عليه، قليلةً كانت أو كثيرةً، متعارفةً أو غير متعارفة، لعدم المجال لقاعدة لا ضرر في موارد الحكم العقلي، وما نحن فيه من هذا القبيل.
وأيضاً، فإنّ قاعدة لا ضرر امتنانية، والغاصب يؤخذ بأشدّ الأحوال.
وأيضاً، فإنها لا تجري في مورد الإقدام، والمفروض إقدام الآخذ على الضرر.
وأمّا إن لم يكن الأخذ على وجه الغصب، وقلنا بوجوب الرد، لما ذكره الشيخ، أو لقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اْلأَماناتِ إِلى أَهْلِها)(1) أو الخبر في اللّقطة، كقوله عليه السلام: «إذا عرف صاحبه ردّه عليه»(2) وقوله عليه السّلام في الهبة: «أنت بالخيار في الهبة مادامت في يدك، فإذا خرجت إلى صاحبها فليس لك أن ترجع فيها»(3). فإنْ لم يكن الردّ محتاجاً غالباً إلى المؤونة وإنّما يحتاج إليها في بعض الأحوال والأفراد، أمكن التمسّك بالقاعدة، وإنْ كان مما يحتاج إلى بذل المؤونة غالباً، فلا يتمسّك بالقاعدة على المسلكين كما عرفت.
أللهم إلاّ أن يقال ـ على الثاني ـ بأنه لمّا تكون المؤونة للمقدّمات، والقاعدة لا ترفع الوجوب الغيري لها، فهي مرخّص في تركها، فإنّ تركها يلازم الترخيص في ترك ذي المقدّمة. إذن، يرجع الأمر إلى الغلبة.
لكنّ الكلام كلّه في الصغرى، فإنّ الإنصاف أنه ليست الغلبة في المعاملات مع الأمتعة المحتاج ردّها إلى مؤونة.
(1) سورة النساء: 58.
(2) وسائل الشيعة 25 / 461، باب حكم صيد الطير، الرّقم: 1.
(3) وسائل الشيعة 19 / 233، الباب 4 من أبواب الهبات، الرّقم: 6.