الأقوال في ألفاظ العقد من حيث الكناية و المجاز و الاشتراك
وبعد، فإن الأقوال في صيغة العقود كما يلي:
1ما ذهب إليه فخر المحققين من أن كلّ عقد لازم وضع الشارع له صيغة مخصوصة بالاستقراء(1)، فلابدّ من الاقتصار على المتيقّن.
وحاصله: إن عدم الكناية هو من باب القدر المتيقّن، وعليه، يلزم الأخذ بذلك في كلّ لفظ شك في تحقق العقد به، كما لو كان مجازاً أو مشتركاً أو غير ذلك.
2إنه يعتبر في كلّ عقد أن يُنشأ فيه عنوان المعاملة، بأنْ يقول في البيع بعت، وفي النكاح أنكحت، وفي الإجارة آجرت وهكذا. ولا يبعد أن يكون هذا مراد جامع المقاصد من قوله:
«لأنّ العقود متلقاة من الشرع، فلا ينعقد عقد بلفظ آخر ليس من جنسه»(2).
3إنّ ألفاظ العقد يجب أن تكون مستعملةً في المعاني الحقيقيّة، وتكون هي المقصود بالأصالة، فيخرج المجاز مطلقاً والكناية، وأمّا المشترك فلا مانع منه سواء اللفظي والمعنوي، لكون اللّفظ مستعملاً في المعنى الموضوع له.
4إنه يجوز بالحقيقة والمجاز، سواء كان قريباً أو بعيداً، وسواء كانت القرينة لفظيّة أو حاليّة، وإنما لا يجوز بالكناية. وهذا هو القول المنسوب إلى المشهور. ولعلّ السرّ في المنع من الكناية هو: أن المنشأ هو المعنى اللاّزم، وأمّا الملزوم وهو المعنى المقصود فلم يُنشأ.
5إنه يجوز بالحقيقة والمجاز والكناية، لكنْ يشترط في المجاز أن يكون قريباً، وكأنّه لأنّ المجاز البعيد غير متداول عند العقلاء في العقود.
6إنه يجوز بالحقيقة والمجاز، بشرط أنْ تكون القرينة لفظيّة لا حاليّة.
ولا يخفى أنّ اللفظ في الاستعمالات المجازية مستعملٌ في معناه الحقيقي ولكنّ القرينة صارفة عنه ويتعيّن اللفظ في معناه المجازي.
وهذا ما استقربه الشيخ.
7إنّ المعاملة إنما يترتب عليها الأثر شرعاً إذا أمضاها الشارع، فكلّ لفظ وقعت به المعاملة في زمن الشارع وأنفدها فهو المؤثّر في تلك المعاملة، فأيّ لفظ كان متداولاً في عصر المعصوم ولم يردع عنه فهو كاف، وأيّ لفظ لم يثبت كونه متداولاً في ذلك الزمان فلا دليل على وقوع العقد به.
(1) إيضاح الفوائد في شرح القواعد 3 / 12.
(2) جامع المقاصد في شرح القواعد 7 / 83 .