قال الشيخ:
ومن جملة الشروط التطابق بين الإيجاب والقبول، فلو اختلفا في المضمون، بأنْ أوجب البائع البيع على وجه خاص، من حيث خصوص المشتري أو المثمن أو الثمن أو توابع العقد من الشروط، فقبل المشتري على وجه آخر، لم ينعقد. ووجه هذا الاشتراط واضح… .
أقول:
ليس المراد المطابقة اللّفظية بل المطابقة من حيث المعنى، فلمّا كان العقد هو العهد المشدود والمرتبط بعهد آخر، فلابدّ وأن يتطابق العهدان، إذ العقد في الحقيقة هو التعاهد، ولولا التطابق لم يتحقّق التعاهد.
فمقتضى العقد هو التطابق بين الإيجاب والقبول، فلو قال: بعتك هذا، وقال الآخر بدل قبلت البيع: قبلت الصلح، لم يكن التطابق، بل هما إنشاءان أجنبيّان لا ربط لأحدهما بالآخر. إذن، يجب أنْ يكون الإيجاب والقبول ماهيةً واحدةً.
وأيضاً: يعتبر الوحدة بين العوضين، فلو كان المبيع هو الحنطة ومورد القبول هو الشعير، لم يتحقق العقد; ولو باع الحنطة بعشرة دراهم فقال المشتري: قبلت الحنطة بخمسة دراهم، لم ينعقد البيع.
وأيضاً: يعتبر الوحدة في المتعاقدين، فلو قال: بعته من موكّلك بكذا، فقال: اشتريته لنفسي، لم ينعقد.
وهذا في الجملة ضروري، وهو من القضايا التي قياساتها معها، لأن العقد ـ كما ذكرنا مراراً ـ هو العهد المؤكد أو المشدّد، أي المرتبط بعهد، فهو معاهدة بين طرفين، ولولا المطابقة لم يتحقق المعاهدة، بل هما كلامان أجنبيان.
إنّ كلّ عقد فهو مركّب من الماهية، أي ماهيّة المعاملة كالبيع والإجارة والنكاح، ومن المتعاقدين، وممّا يقع عليه العقد من العوضين كما في البيع، أو لا عوض له كالهبة والوقف والرهن، ومن المتعلّقات.
المطابقة ضروريّة في الماهيّة، فلو قال: «بعتك الجارية بكذا» فكان القبول: «قبلت تزويجها» أو قال: بعتك الدار، فقال: استأجرتها… وهكذا، بطل العقد، لعدم المطابقة بين الإيجاب والقبول في ماهيّته.
Menu