5 ـ النصوص
وهذا بعضها:
عن محمد بن الحسن ]الحسين[ قال: كتبت إلى أبى محمد عليه السّلام: رجل دفع إلى رجل وديعة ]وأمره أن يضعها في منزله أو لم يأمره[ فوضعها في منزل جاره فضاعت، هل يجب عليه إذا خالف أخره وأخرجها عن ملكه؟
فوقّع عليه السلام: هو ضامن لها إن شاء الله».(1)
ووجه ذلك: إن يده لم تكن مأذونةً في وضع الوديعة في دار جاره.
عن الكاهلي عن أبي عبدالله عليه السّلام، قال: سألته عن القصّار يسلّم إليه الثوب وأشترط عليه يعطيني في وقت.
قال عليه السلام: إذا خالف وضاع الثوب بعد الوقت فهو ضامن(2).
ووجه ذلك: إن يده في ذلك الوقت أمانيّة ولا توجب الضمان إن لم يكن تفريط، ولذا لو ترافعا وادّعى المالك التفريط تقدّم قول القصّار، وأمّا بعد الوقت فليست يده مأذوناً فيها.
ثم إن كان الضيّاع أو السّرقة مقروناً عادةً باليأس من الوصول إلى العين، وجب تقييد النصوص بصورة حصول اليأس وسقط الاستدلال، وأمّا إنْ كانت مطلقةً، أمكن الاستدلال بها لوجوب بدل الحيلولة، لأن «الضمان» هو «الكفالة» وهي خسارة و غرامة و ندامة ـ كما في الخبر ـ فعلى الضّامن ردّ العين في حال الإمكان وإلاّ فعليه الغرامة، وهي دفع البدل]1[.
]1[ واستدلّ لوجوب دفع بدل الحيلولة بوجوه اخرى:
منها: آية الاعتداء، لأن الغاصب قد حال بين المالك وملكه، وهذا اعتداء، وقد دلّت الآية على جواز الاعتداء عليه كذلك، بأن يؤخذ منه مقدار من المال بدلا عن حيلولته.
وفيه: أنّ الآية المباركة لاتدّل على الضّمان، كما نصّ على ذلك السيّد الجدّ وغيره.
وأيضاً، فإنّ الآخذ بالعقد الفاسد لايعتبر معتدياً خصوصاً مع الجهل.
ومنها: قاعدة الإتلاف، بتقريب: أن الضّامن قد أتلف باستيلائه على مال الغير سلطنته على ماله، ومن أتلف مال الغير فهو له ضامن، فعليه أن يرفع إليه بدل سلطنته الفائتة.
وفيه: ما أفاده السيّد الجدّ من أنّ هذه القاعدة مصطادة ممّا ورد في الموارد المختلفة، فليست بقاعدة شرعيّة منصوص عليها.
والمهمّ هو أنّ تقويت السّلطنة ليس بتفويت للمال.
ومنها: حكم العقل بقبح الظّلم، ووضع اليد على مال الغير ومنحه من الانتفاع به ظلمٌ، فهو قبيح. وحينئذ يحكم العقل برفع هذا الظلم وجبره وهو إنما يتحقّق بأخذ مال منه يدلا عمّا فعل.
وفيه: إنّ هذا الدليل يختصُّ بمورد الغصب ولايعمّ المأخوذ بالعقد الفاسد.
(1) وسائل الشيعة 19 / 82 ، كتاب الوديعة الباب 5 رقم: 1.
(2) وسائل الشيعة 19 / 143، كتاب الإجارة، الباب 29 رقم: 7.