3 ـ قاعدة لا ضرر
بتقريب: إنّ صبر المالك ضرر عليه، والقاعدة تقتضي وجوب البدل.
أو إن عدم الحكم بوجوب البدل من ناحية الشّارع ضرري ترفعه القاعدة، ويثبت النقيض وهو وجوب دفع البدل.
أو إن المالك إذا طالب بملكه، يكون جواز امتناع الآخذ عن دفع بدل الحيلولة ضرريّاً على المالك ترفعه القاعدة فيجب دفعه.
أمّا التقريب الأوّل، فيتوقّف على تماميّة دلالة الحديث على ثبوت البدل ووجوب تدارك الضّرر ـ كما عليه بعضهم ـ ، ولكنّه خلاف التحقيق كما ذكرنا في محلّه.
وأمّا التقريب الثاني، فيتوقّف على القول بأنّ حديث لا ضرر يرفع الحكم الضرري لا الموضوع الضرري. وتوضيح ذلك: إنّ في مفاد القاعدة قولين. أحدهما: أنها تدلّ على انتفاء الموضوع الضرري، وانتفاؤه شرعاً ليس إلاّ بانتفاء حكمه، لأن ثبوت الموضوع تشريعاً إنما يكون بثبوت حكمه وانتفاؤه بانتفاء حكمه. وهذا مختار المحقق الخراساني. وعلى هذا القول لا وجه للاستدلال بالقاعدة في المقام، لأنّ دفع البدل لم يكن له حكم حتى ينتفي. والآخر: أنها تدلّ على انتفاء الأحكام التي ينشأ منها الضّرر، وعلى هذا القول أيضاً لا يتمّ الاستدلال بالتقريب المذكور، لأن القاعدة بناءً عليه ناظرة إلى الأحكام المجعولة ورافعة لما كان ينشأ منها الضّرر، وليست ناظرةً إلى مورد عدم جعل الحكم ليتبدّل بها إلى وجوب الجعل.
فظهر عدم تماميّة التقريب الثاني على كلا القولين في حديث لا ضرر.
وأمّا التقريب الثالث، فيتمّ بناءً على دلالة الحديث على نفي الأحكام الضرريّة، فيرتفع الجواز إنْ كان مجعولاً، ولكنّ الجواز غير مجعول، بل إنه عبارة اخرى عن عدم وجوب دفع البدل.
وتلخّص: عدم تماميّة الاستدلال بالقاعدة لوجوب دفع بدل الحيلولة مطلقاً.
Menu