ويتمُّ شرح الجهات و تكميلها ضمن امور:
الأمر الأوّل
إنه يعتبر في مقام الثبوت ونفس الأمر أنْ يكون كلٌّ من الموجب والقابل قاصداً على وجه التعيين للآخر في جميع العقود، حتى يتحقق التطابق بين الإيجاب والقبول، فلو قصد بيع الشيء من شخص بعينه فقبله لموكّله بطل، لعدم التطابق، وكذا لو قبل القابل من غير البائع، كأن يقول: قبلت لنفسي عن موكّلك، وهكذا.
نعم، من الممكن أنْ يقصد البيع من الأعم من شخص المخاطب وموكّله.
الأمر الثاني
إنّ ما ذكر معتبرٌ في مقام الإثبات كذلك حتى تتم الدلالة وتقوم الحجة، وإلاّ فلا تترتب الأحكام والآثار.
الأمر الثالث
تارة: يتمحّض الغرض في المبادلة بين المالين ولا تلحظ خصوصيّة الأشخاص لعدم مدخليّة ذلك في الغرض، واخرى: الخصوصيّة دخيلة مع المبادلة وعدمها، ففي السّلم والنسيئة تراعى الخصوصيّات في الموجب والقابل، وأوضح من ذلك النكاح والوصية والهبة والوكالة والحوالة والوقف.
الأمر الرابع
لا ريب في لزوم اتّباع الظهور في مقام الإثبات، فليس للقابل أن يقبل لموكّله البيع بالإيجاب الظاهر في تمليك نفسه كقوله: بعتك فيقول: قبلت لموكّلي، أو يقبل لنفسه البيع الظاهر في تمليك موكّله كقوله: بعت موكّلك فيقول: قبلت لنفسي… وهكذا.
فكاف الخطاب من أظهر مصاديق ما هو ظاهر في إرادة المخاطب، إلاّ في المورد الذي قامت القرينة على عدم الخصوصيّة للمخاطب وانعقد فيه الظهور في الأعم منه ومن موكّله مثلاً، كما هو الحال في البيوع المتعارفة.
فالمناط هو الظهور ويجب اتّباعه حتى يحصل التطابق بين الإيجاب والقبول، ولا ترفع اليد عنه إلاّ بالقرينة القطعيّة، وليس المناط كون العوضين ركناً في النكاح كما قيل أو قيل بأنّه في البيع يعبّر عن الوكيل في الشراء بالمشتري ولا يعبّر عنه في النكاح بالناكح والزّوج.
الأمر الخامس
لو شك الموجب في أنّ القابل أصيل أو وكيل وأنّ لخصوصيّة الأفراد دخلا أوْلا، فهل يصح منه الخطاب إليه بضمير المخاطب؟ وبعبارة اخرى: إذا كان لخصوصيّة الأفراد دخل، ولم يحرز الموجب كون القابل أصيلاً ليخاطبه بكاف الخطاب، فهل يصح خطابه كذلك؟
إنه لا يصحّ ذلك، لأن هذا الضمير ظاهر في كونه أصيلاً، بل عليه أنْ يقول: بعت هذا لمن تريد أن تشتري له.
وكذا لو شك القابل في أنّ إيجاب الموجب بالأصالة أو الوكالة، فعليه أن يقول: قبلت البيع، بأنْ تكون اللاّم للعهد، أي البيع الذي قصده الموجب، أعم من كونه بالأصالة أو الوكالة.
وبالجملة، فإنه يعتبر إحراز التطابق بين الإيجاب والقبول، وهو متوقّف على العلم بكونه أصيلاً أو وكيلاً، فعليه أن يأتي بالصّيغة بما يعمّ الحالتين.
الأمر السادس
إنه في المعاملات المتعارفة المقصود بها المبادلة بلا دخل لخصوصيّة الأشخاص، لو قال: بعتك هذا المتاع بكذا، فقبل المشتري، ثم لمّا طالبه بالثمن قال: أنا وكيل، لم تسمع دعوى الوكالة منه، بل عليه دفع الثمن.
هكذا قالوا.
والسرّ في ذلك هو: أنّ كاف الخطاب تسقط عن الظهور في المعاملات المتعارفة، أمّا تاء المتكلّم في «قبلت» فباقية على ظهورها، ويترتب الأثر على هذا الظاهر ويُلزم بدفع الثمن.
ولعلّ هذا وجه تأمّل الشيخ كما سيأتي.
Menu