حكم إنشاء العبد إذا لحقته إجازة السيّد
قال الشيخ:
وأمّا مع الإجازة اللاّحقة، فيحتمل عدم الوقوع… إلاّ أن الأقوى هو لحوق إجازة المولى…
أقول:
قد ذكر في وجه عدم وقوع بيع مال الغير بالوكالة: إن الإجازة إنما تتعلّق بمضمون العقد وهو انتقال مال الغير بعوض، وهذا ليس منوطاً برضا المولى لكونه أجنبيّاً، وإنما للمولى أن يجيز إنشاء العبد، لكنّ المفروض أنّ هذا الإنشاء ـ لمّا كان بدون إذن المولى ـ ساقط عن الاعتبار وكان بمنزلة العدم، والإجازة اللاّحقة لا تخرجه عن العدم، لأنّ الشيء لا ينقلب عمّا وقع عليه.
وفي وجه تأثير الإجازة ووقوع البيع: إنّ الآية لا تدلّ على لغويّة إنشاء العبد مطلقاً، إنما دلّت على لغويّته إنْ كان بلا إذن سابق أو لاحق، ومع لحوق الإجازة يكون الأثر مترتّباً على الإنشاء، بشمول العمومات والإطلاقات له، ولو شككنا في أنّ الآية المباركة تنفي الصحّة مطلقاً أو في خصوص عدم لحوق الرّضا، وجب الأخذ بعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ونحوه، لكون المخصّص منفصلاً دائراً أمره بين الأقل والأكثر، فيخصّص بالقدر المتيقّن وهو الإنشاء الخالي من الرّضا سابقاً ولاحقاً، ويتمسّك بالعام في الزائد، وهو ما لو لحقه الرّضا، كما تقرّر في الاصول.
وقال بعض الأكابر:
إنّ الرّواية أناطت الصحّة بالإذن، والإذن هو الترخيص، ولا يعبّر بالترخيص إلاّ عمّا كان مقدّماً، والرّضا اللاّحق ليس بإذن، فالرواية دلّت على عدم تأثير الرّضا اللاّحق(1).
وفيه:
إنّه لم يكن في الآية تعرّض للإذن، والرّواية إنما وردت في مورد الآية وسياقها، وقد استشهد بها فيها، فالمراد من الآية والرواية: عدم استقلال العبد في تصرّفاته، فما صدر منه باستقلاله لا أثر له. ومن المعلوم أنّه مع الإذن اللاّحق لا يكون مستقلاًّ، فيترتّب الأثر على إنشائه.
(1) حاشية كتاب المكاسب للمحقق الإصفهاني 2 / 68.