ثبوت بعض العقوبات للصّبي
قال:
ثم إن القلم المرفوع هو قلم المؤاخذة الموضوع على البالغين، فلا ينافي ثبوت بعض العقوبات للصبيّ، كالتعزير.
أقول:
هذا إشكال آخر على القول بأنّ المرفوع قلم المؤاخذة بقول مطلق، فإنه يعمّ التعزير، ولكنّ التعزير على الصبيّ ثابت في موارد كالسّرقة(1)، وتخصيص نصوص رفع القلم بغيره مستهجن، لأنّ ظاهرها كون الصغر علّةً تامّة لعدم المؤاخذة مطلقاً.
والقول: بأن حديث رفع القلم امتناني، ورفع التعزير ـ وهو تأديبٌ للصبي ـ خلاف الامتنان، فلا يرتفع التعزير بحديث رفع القلم. وبعبارة اخرى: خروج التعزير تخصّصي.
مندفع، بأنّ هذا الاستظهار في مثل حديث الرفع له وجهٌ، لأنه يشتمل على كلمة «عن اُمّتي» فسياقه سياق الامتنان، فأمّا حمل «الرفع» أينما كان على ذلك فغير صحيح.
وقد دفع الشيخ الإشكال بما حاصله: إنّ مفاد حديث رفع القلم هو رفع الموضوع على البالغين، وهو القتل والرّجم ونحوهما، والتعزير يختص بالصغير، فلا يشمله الحديث.
وفيه: إنه يبتني على أنْ يكون رفع القلم معلولاً لعمد الصبي خطأ، أمّا لو كان علّةً فإن العلّة تعمّم، وحينئذ تقع المعارضة بينه وبين أدلّة التعزير.
والصحيح أنْ يقال: إنّ معنى الحديث: إنّ كلّ حكم ثابت على طبيعيّ الإنسان على نحو العموم فهو مرفوع عن الصبي، فلا يرفع ما كان موضوعاً لخصوص الصبيّ، والتعزير من هذا القبيل، فهو خارج بالتخصّص.
(1) وسائل الشيعة 28 / 293، الباب 28 من أبواب حدّ السرقة.