النظر في الطائفة الثالثة
قال الشيخ:
وكيف كان، فالعمل على المشهور، ويمكن أن يستأنس له أيضاً بما ورد في الأخبار المستفيضة من أن «عمد الصبي وخطأه واحد»… فعقد الصبيّ وإيقاعه مع القصد كعقد الهازل والغالط والخاطئ وإيقاعاتهم.
وأجاب عن سؤال مقدّر حاصله: اختصاص تلك الأخبار بباب الجنايات، وأنّ في ذيل بعضها قوله: «تحمله العاقلة»، بأنْ لا إشعار في صحيحة محمّد بن مسلم بل في غيرها بالاختصاص، ولذا تمسّك بها الشيخ في المبسوط وابن إدريس في السرائر(1) على أنّ إخلال الصبيّ المحرم بمحظورات الإحرام لا يوجب الكفارة عليه ولا على الولي، لأنّ عمده خطأ.
فعقد الصبيّ وإيقاعه مع القصد كعقد الهازل والغالط والخاطئ وإيقاعاتهم.
وخلاصة كلامه:
أوّلاً: الأخبار مطلقة، أمّا ما لا ذيل له فواضح، وأمّا ما اشتمل في ذيله على: «تحمله العاقلة» فهو حكم رتّبه الشارع في مورد خاص، والعام الوارد في مورد خاص باق على عمومه، لأن المورد غير مخصّص.
وثانياً: إنّ معنى قولهم: «عمد الصبيّ وخطأه واحد» هو عدم ترتب الأثر على عمد الصبي.
أقول:
وما قاله سهوٌ من قلمه الشريف، ولابدّ من ذكر الأخبار، فإنها على ثلاثة أقسام، منها ما فيه من أن «عمد الصبي خطأ»، ومنها ما جاء فيه: «عمد الصبي وخطأه واحد»، ومنها ما اشتمل على «تحمله العاقلة»، وإليك النصوص:
عن محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: عمد الصبيّ وخطأه واحد(2).
عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: أن عليّاً كان يقول: عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة.(3)
عن أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السّلام: إنه كان يقول في المجنون والمعتوه الذي لا يفيق والصبي الذي لم يبلغ: عمدهما خطأ تحمله العاقلة وقد رفع عنهما القلم(4).
المستدرك عن علي عليه السلام: ليس بين الصبيان قصاص، عمدهم خطأ يكون فيه العقل(5).
المستدرك عن دعائم الاسلام عن أميرالمؤمنين عليه السّلام أنه قال: ما قتل المجنون المغلوب على عقله والصّبي، فعمدهما خطأ على عاقلتهما.(6)
(1) انظر: المبسوط 1 / 329 والسرائر 1 / 636 ـ 637.
(2) وسائل الشيعة 29 / 400 كتاب الديات، أبواب العاقلة، الباب 11 رقم: 2.
(3) وسائل الشيعة 29 / 400 كتاب الديات، أبواب العاقلة، الباب 11 رقم: 3.
(4) وسائل الشيعة 29 / 90 كتاب القصاص، الباب 36 رقم: 2.
(5) مستدرك الوسائل 18 / 242 كتاب القصاص، الباب 33 رقم: 2.
(6) مستدرك الوسائل 18 / 418 كتاب الديات، الباب 8 ، رقم: 4.