الكلام على الدليل الثالث
واستدلّ الشيخ ثالثاً بحديث: لا يحلّ…
وقد اُشكل فيه بوجوه:
أوّلاً: بأنّ هذه الحليّة تكليفيّة، فهو أجنبي عن البحث.
]1[ بقي الاشكال: بأن كلمة «منكم» ـ في الآية المباركة ـ كما يحتمل أن تكون قيداً لــ «التراض»، يمكن أنْ تكون قيداً لـ«التجارة».
وأيضاً، فإنّ ظاهر قوله تعالى في صدر الآية (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ) هو إضافة الأموال إلى الأشخاص، فقوله: (إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراض) أي: في تلك الأموال.
فتكون الآية ـ صدراً وذيلا ـ ظاهرةً في الاستناد.
ولكنّ الاستناد لايتحقّق بمجرّد الرّضا.
ومع التنزّل عن ظهور الآية فيما ذكر، فلا أقل من الإجمال، فيسقط الاستدلال.
لكنّ العمدة في هذا الكلام عدم تحقق الاستناد بالرضا، وقد تقدّم في كلام السيد الجدّ كفايته للاستناد، فالاستدلال تام.
ثانياً: إنّ الحديث مسوق لإفادة مجرّد شرطيّة طيب النفس، كما في: «لا صلاة إلاّ بطهور»، ولا دلالة للحديث على الحليّة ـ إن كانت وضعيّة ـ في كلّ مورد كان فيه طيب نفس، كما لا تدلّ الرواية على تحقق الصّلاة في كلّ مورد من موارد الطّهارة.
ثالثاً: لو سلّمنا الدّلالة، كان مقيّداً بما يدلّ على اعتبار الصّدور.
والجواب:
أمّا الوجه الثالث، فقد ظهر ممّا تقدّم أنْ لا دليل على اعتبار الصّدور.
وأمّا الوجه الثاني، فمتين، إذ هناك فرق بين: «لا صيام إلاّ صيام شهر رمضان»، و«لا صيام إلاّ بإدراك الفجر متطهّراً»، فإنّ لفظة «الباء» تفيد الشرطيّة، والحديث كذلك، فطيب النفس شرط لما يوجب ارتفاع النقيض، أي: كون المال مضافاً للمسلم سببٌ لعدم حليّته لغيره، فإنْ كان هناك طيب نفس منه، ارتفع السّبب وانقلب عدم الحليّة إلى الحليّة. فطيب النفس شرط للحليّة، وحينئذ يعمّ الحديث بإطلاقه ما نحن فيه، والحليّة ملازمة للصحّة.