الكلام على الاستدلال بآية التجارة عن تراض
وعليه، فإنْ كان معنى قوله تعالى (إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراض) هو الرّضا النفساني المقابل للكراهة، فالبيع الواقع منه في جميع الصّور المذكورة باطل، لأنّ بيع داره أو كتابه في الصورتين الثانية والثالثة قد وقع عن كره منه ولم يكن عن شوق ورغبة، فيكون باطلاً كما في الصّورة الاولى. مع أنّ البيع فيهما صحيح إجماعاً.
وأمّا إن كان المعنى هو الرّضا العقلائي، كان البيع صحيحاً في جميع الصّور حتى الاُولى، لوجود الرّضا العقلائي فيها.
وبذلك ظهر عدم تماميّة الاستدلال بالآية المباركة على بطلان بيع المكره، لأن الغرض من البيع هو دفع ما أوعد عليه، وبيع الشيء لهذا الغرض المهمّ أمر عقلائي يصدر عن الرّضا.
ولا يتوهّم وجود الفرق بين الإكراه على بيع نفس الشيء دفعاً للضّرر، والإكراه على بيع شيء مقدّمةً لدفع الضرر، لعدم الفرق في الكراهة الطبيعيّة بين الموردين.
وبعبارة اخرى:
إنه إنْ كان معنى الرّضا في الآية هو الميل والرّغبة الإنسانيّة، كان اللاّزم بطلان بيع داره لأداء دينه أو للإنفاق على عياله، لعدم الميل الطبعي في ذلك، لكنّه ليس بباطل، فليس الرضا في الآية بالمعنى المذكور، فيكون المعنى هو الرّضا العقلائي وإنْ كان مقروناً بالكراهة الطبيعيّة.
هذا بالنسبة إلى الآية المباركة.
Menu