التأييد برواية عبدالله
قال الشيخ:
ويمكن التأييد له أيضاً بموثّقة عبدالله عن أبي عبدالله عليه السّلام…
أقول:
كذا في النسخ، والصحيح: عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن أبي عبدالله عليه السّلام، وهذا نصّ الرواية:
فلا دخل لها بالفضولي أصلا، إذ يكون الثوب حينئذ للبائع، لأنه رجع إليه بالشراء من المشتري بوضيعة ولادخل له بصاحبه الأول وهو المشتري.(1)
وقد ذكر المحقق الإيرواني الاحتمال الثاني، فقال: ظاهر التعبير بلفظ «لايصلح» في الصحيحة، وظاهر تعليق ردّ ما زاد على بيع ما أخذه بأكثر مما أخذ، دليل الكراهة، وأن ردّ ما زاد على وجه الاستحباب. فتدلّ على صحّة الإقالة بوضيعة… فالصحيحة دليل لابن الجنيد القائل بصحّة الإقالة بوضيعة… فلا تصلح للتأييد.(2)
أقول: فرجع الأمر إلى دلالة «لايصلح» على الكراهة، وهي أوّل الكلام، فإنّ الظهور الأوّلي لكلمة «لا يصلح» و «لاينبغي» و «لا اُحبُّ ذلك» ونحوها في كلام المعصوم عليه السلام في المعاملات هو النهّي الدالّ على الفساد، وفاقاً لشيخنا الاستاذ دام بقاه في مختلف بحوثه الفقهيّة والاصوليّة، إلاّ إذا قامت القرينة على الخلاف، وللتفصيل موضع آخر.
قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن السمسار يشتري بالأجر فيدفع إليه الورق ويشترط عليه أنك تأتي بما تشتري، فما شئت أخذته وما شئت تركته. فيذهب فيشتري ثم يأتي بالمتاع فيقول: خذ ما رضيت ودع ما كرهت.
قال عليه السّلام: لا بأس(3).
تقريب الاستدلال هو: إن الإمام لم يستفصل، وترك الاستفصال يدلّ على العموم، لأن في القضيّة ثلاثة احتمالات:
الأوّل: أن يكون السّمسار قد اشترى لصاحب الورق فضولةً، فما أجازه صحيح ومالا فغير صحيح.
والثاني: أنْ يكون صاحب الورق قد أذن له بالشراء مع جعل الخيار لنفسه، بأنْ يفسخ المعاملة فيما كرهه.
والثالث: أن يكون قد أقرض السمسار الورق، فاشترى لنفسه، ثم جاء بالمتاع وباع من صاحب الورق ما رضي به.
وعدم استفصال الإمام في هذه القضيّة الشّخصيّة، يكشف عن أنّها بأيّ وجه وقعت صحيحة، وقد عرفت أنها تدخل في مسألة الفضولي بناءً على الأوّل.
وأمّا في المقام، فقد بنى شيخنا الاستاذ الأمر على اختلاف النسخة في الرّواية، ففي وسائل الشيعة «يقتله»، فتكون الرّواية من الفضولي، وفي الكافي والفقيه والتهذيب «يقبل» فتكون خارجة عن البحث. فتدبّر.
لكنّ دلالة ترك الاستفصال على العموم إنما هي حيث تكون المحتملات على حدٍّ سواء، ولا ظهور للقضيّة الخارجيّة في أحدها. ولكنّ ظاهر الرواية هو: الإذن في الشراء لصاحب الورق، وحينئذ، لا دلالة لجواب الإمام على العموم، فلا مجال لاحتمال الفضوليّة في هذه المعاملة.
(1) حاشية السيد 2 / 121.
(2) حاشية الايرواني 2 / 222.
(3) وسائل الشيعة 18 / 74، كتاب التجارة، أبواب أحكام العقود الباب 20 رقم: 2.