الاستدلال بصحيحة محمد بن قيس
قال الشّيخ:
واستدلّ له أيضاً ـ تبعاً للشهيد في الدروس ـ بصحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام… وجميع ما ذكر فيها من الموهنات موهونة إلاّ…
أقول:
من قوله: صلى الله عليه وآله: بارك الله في صفقة يمينك. لشيوع إطلاق صفقة اليمين وصفقة اليد على البيع والبيعة، لحصولهما في المتعارف بضرب احدى اليدين على الاخرى. وفي الدعاء: أعوذ بك من صفقة خاسرة، أي: بيعة خاسرة. وقوله: من نكث صفقة الإمام. أي بيعته. ونهى رسول الله عن الاستحطاط بعد الصفقة، أي بعد البيع. وفي الخبر: إذا صفق الرجل على البيع فقد وجب البيع.(1)
أقول: الحقّ ما ذكر السيّد الجدّ، فإن هذا الدعاء كان يقال في كلّ بيع، ولا دلالة فيه على وقوع البيع في جميع تلك الموارد بالمعاطاة. ويشهد بذلك ورود الدعاء بلفظ «قبضة يمينه» فليس وضع اليد على اليد. والأمر في البيعة كذلك، فقد كانوا يتلفّظون بصيغة البيعة ويضعون اليد في اليد، فراجع.
الصحيحة ـ كما رواها المشايخ ـ هي عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى أميرالمؤمنين عليه السلام في وليدة باعها ابن سيّدها وأبوه غائب، فاشتراها رجل فولدت منه غلاماً، ثمّ قدم سيّدها الأوّل فخاصم سيّدها الأخير فقال: هذه وليدتي باعها ابني بغير اذني.
فقال: خذ وليدتك وابنها.
فناشده المشتري.
فقال: خذ ابنه ـ يعني الذي باع الوليدة ـ حتّى ينفذ لك ما باعك.
فلمّا أخذ البيّع الابن قال أبوه: أرسل ابني.
فقال: لا أُرسل ابنك حتّى ترسل ابني.
فلمّا رأى ذلك سيّد الوليدة الأوّل أجاز بيع ابنه.(2)
وقد أشكل على الاستدلال بها بوجوه، قال الشيخ: جميعها موهونة.
قال: إلاّ ظهور الرواية في تأثير الإجازة المسبوقة بالردّ، من جهة ظهور المخاصمة في ذلك.
إذنْ، فهذه الرّواية قضيّة في واقعة ولا يتمّ الاستدلال بها لسائر الموارد.
(1) حاشية الإصفهاني 2 / 85 .
(2) وسائل الشيعة 21 / 203 كتاب النكاح، أبواب نكاح العبيد، الباب 88 رقم: 1.