أدلّة المانعين
واستدلّ المخالفون بستّة وجوه:
الأوّل: إنه يعتبر في نفوذ العقد مقارنته الرّضا وطيب النفس.
أجاب الشيخ: هذه دعوى خالية عن الشاهد مدفوعة بالإطلاقات.
لكنْ يمكن أن يقال: إن الرّضا وطيب النفس شرط بالضّرورة، والأصل في الشرط أن يكون مقارناً، فالعقد الذي لا يقارنه طيب النفس، فمقتضى الأصل بطلانه.
أو ربما يقال: بأنّ الإطلاقات منصرفة إلى الشائع المتعارف من العقود، وهو العقد المقارن بالرضا، فما لم يقترن به لم تشمله الإطلاقات.
والثاني: إن مفهوم العقد لا يصدق مع عدم طيب النفس، فلا يكون مورداً لقوله تعالى: (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).
أجاب الشيخ: بأنه يستلزم أنْ لا يكون عقد الفضولي عقداً حقيقةً.
ولكنْ لقائل أنْ يقول: العقد هو العهد، والعهد لا يتحقّق إلاّ بطيب النفس، وما كان فاقداً لطيب النفس غير محقق لمفهوم العقد بمعنى العهد.
والثالث: إنه يعتبر في صدق العقد طيب نفس العاقد.
أجاب الشّيخ: بأنه يستلزم أنْ لا يصدق العقد على بيع المكره بحقٍّ ولا يكون صحيحاً، لكنّ بيع المكره بحقٍّ كالمحتكر عقد صحيح.
وأيضاً: لو أكره المالك وكيله على إجراء صيغة عقد بيع ماله، كان صحيحاً بلا ريب، ولو كان رضا العاقد شرطاً لما كان صحيحاً.
والرابع: قوله تعالى: (إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراض) الدالّ على اعتبار كون العقد ناشئاً عن التراضي، فلولم يكن كذلك دخل تحت المستثنى منه ويكون باطلاً.
أجاب الشيخ: بأن دلالة الآية على اعتبار وقوع العقد عن التراضي، إنْ كانت بمفهوم الحصر فلا دلالة فيها عليه، لأنّ الاستثناء منقطع، فهو بمعنى «لكن» وغير مفرّغ، لأنّه لو كان مفرّغاً احتمل إفادته للحصر، لكنه منقطع غير مفرغ، فلا دلالة في الآية على الحصر.
والخامس: حديث الرفع، فإنّ «رفع ما استكرهوا عليه» وإنْ كان لسانه لسان الحكومة إلاّ أنه بحسب النتيجة مخصّص ـ وكذلك كلّ حاكم، وكذا العكس ـ فهو مخصّص للآية (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، وعلى هذا، فعقد المكره قد خرج عند تحقّقه من تحت العام، وإذا خرج لا يعود، فالرضا اللاّحق لا يؤثّر.
أجاب الشيخ: بأنه إنما خرج بوصف كونه مكرهاً عليه، فإذا لحقه الرّضا لم يكن بالعقد المكره عليه، فتشمله الآية المباركة.
والسادس: إنّ المكره غير قاصد للمعنى، فعقده كعقد الهازل، فكما أنّ الهازل لو رضي بعد ذلك لا يؤثّر، كذلك عقد المكره.
وأجاب الشّيخ: بأن عقد المكره ليس تلفّظاً محضاً ليكون كعقد الهازل بل إنه قاصد للمعنى، وهو محلّ البحث.
Menu