وجوه الإشكال
والإشكال من وجوه:
أوّلاً: لابدّ أنْ يكون العوضان مالين، والماليّة أمر ثبوتي، وثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له، فلو ثبتت المالية لعمل الحرّ، كان له ثبوت في الخارج، لكن عمله قبل وجوده لا شيء، وبعد وجوده معدوم، فمتى يتّصف بالماليّة؟
وثانياً: الماليّة شيء يوجب الضّمان والإستطاعة والغنى والحجر، فلو أفلس الحرّ حجر عليه جميع أمواله ولا حجر على عمله، ولو كان مالاً لحجر، ولو حبس جوراً عليه مدةً، لم يضمن الجائر عمله في تلك المدّة، ولو كان مالاً ضمن، لأنّ من أتلف مال الغير فهو له ضامن، ومن كان ذا مال بقدر الاستطاعة وجب عليه الحج، ولا يصدق على الحرّ ـ بلحاظ عمله في المستقبل ـ أنه مستطيع، ولو كان العمل مالاً لكان القادر على العمل من الفقراء غنيّاً، والحال أنه ليس كذلك، ومن هنا قلنا في بحث الزكاة أن المحترف الذي لا يفي دخله بمؤنة سنته، يجوز له الأخذ من الزكاة تتميماً لمعاشه، فلو كان العمل مالاً لم يجز له الأخذ، لفرض تمكنّه من إيجار نفسه مدةً فيكون غنيّاً.
وثالثاً: لو تنزّلنا عن ذلك كلّه، فإنه يعتبر في تحقّق البيع ومبادلة مال بمال في الملكية: أنْ يكون المالان مملوكين لطرفي المعاملة، فعلى فرض كون عمل الحرّ مالاً، فهو متسلّط على عمله تكويناً، فلا يعقل أنْ يكون مسلّطاً عليه اعتباراً أيضاً. وبعبارة أخرى: الملكيّة والسلطنة الاعتباريّة إنما تتحقّق حيث لا تكون موجودةً تكويناً، وإلاّ لزم تحصيل الحاصل. هذا غاية ما يقال في هذا المقام.
ويمكن الجواب عن ذلك كلّه:
Menu