الإشكال عليه
وقد أوردنا عليه بالنقض والحلّ:
أمّا نقضاً: فما ذكره منتقض بالبيع نسيئة والبيع سلماً، ففي الثاني يبيع كلّي السلعة وفي النسيئة يكون الثمن كلّياً، والكلّي ذو مالية، لأنّ كلّ الموجودات الخارجية التي تميل إليها النفوس ولها قيمةٌ فهي أموال، ولا يعتبر في ماليّة الشيء كونه مضافاً إلى أحد، بل هي قائمة بنفس الشيء، فالكلّي مال في حدّ ذاته، فمن باع كذا منّاً من الحنطة سلماً أو اشتراه بكذا دراهم نسيئةً، فقد جاء الكلّي إلى ذمّته ملكاً للغير لا لصاحب الذمّة، فإبدال طرف الإضافة إنما يتصوّر فيما إذا كانت الإضافة موجودة، وإنما تتحقق الإضافة في البيع نسيئة وسلماً بالبيع، ويكون الكلّي الموجود في ذمّة من عليه الدراهم أو الحنطة ملكاً للطرف الآخر.
وأمّا حلاًّ: فإنّ الإضافة تتشخّص بطرفيها، وهي قائمة بها، وبمجرّد انعدام أحدهما تنعدم الإضافة، وهكذا الأعراض، فإنها متقوّمة بموضوعاتها، ولهذا يستحيل انتقال العرض من موضوع إلى موضوع آخر، فكيف يعقل بقاء الإضافة بعد زوال المضاف؟ وتنظير المقام بالحبل تنظير للشيء بما يباينه، فإن الحبل جوهر موجود في الخارج، لا ينعدم بانعدام طرفيه المشدود بهما، وأمّا الإضافة إلى العرض فإنها تتغيّر بمجرد تغيّر العرض.
فظهر أن القول المذكور مردود بالنقض والبرهان.
والحق: إن المبادلة واقعة في الملكيّة، وأنّ البيع مبادلة مال بمال في الملكيّة بتبدّل المضاف بما هو مضاف[1].
[1] وخلاصة الكلام: إن الواقع في باب الإرث هو التبديل بين المالكين، فهل حقيقة البيع المبادلة أو التبادل بين الملكيتين أو المملوكين؟ اختار السيّد الجدّ قدّس سرّه الأوّل، خلافاً لأستاذه الميرزا، وتظهر ثمرة الخلاف في المسائل الآتية، كما لا يخفى.
وقد دافع بعض مشايخنا دام بقاه عن رأي المحقق النائيني، فأجاب:
أمّا عن النقض، فبأنّه ليس بنقض، إذ كان عليه أنْ يأتي بمورد من الفقه تبدّلت فيه الإضافة أوّلاً وبالذات، فهو لم يذكر مورداً من هذا القبيل، وأمّا أنّ الكلّي يأتي إلى الذمّة وهو للغير، فهذا لا ينافي كون التبدّل في طرف الإضافة. لكنّه يندفع بالتأمّل، فقد جاء في صريح الكلام أنّ الإضافة في بيع الكلّي تتحقّق بالبيع، وبذلك يستقرّ الكلّي في الذمّة ملكاً للغير.
وأمّا عن الحلّ، فذكر أنّ الحقّ معه في التكوينيّات، لكنّ إسراء أحكام التكوينيّات إلى الاعتباريّات غير صحيح، ولا مانع في الاعتبار من زوال طرف الإضافة وحلول شيء آخر محلّه في الطرفيّة لها.
وفيه: إنه لا كلام في تقوّم الإضافة بطرفيها، ولا فرق في ذلك بين الأمور التكوينيّة كالأُبوّة والبنوّة والأمور الإعتباريّة كالملكيّة، وقد ذكر المحقّق الإصفهاني أنّ للملكيّة نحوين من الوجود، بأحد نحويه تكون مقولةً وبالآخر موجوداً بالاعتبار. فراجع(1).
(1) حاشية المكاسب 1 / 17.