4 ـ هل يتقدّم المسلمان الفاسقان على الذميين؟
قد عرفت قول المحقق: «إذا لم يوجد من عدول المسلمين من يشهد بها»(1) وفي (الجواهر): لا يلحق بأهل الذمة فساق المسلمين في الحكم المزبور، لحرمة القياس عندنا(2).
لكن عن العلاّمة في (التذكرة): «لو وجد مسلمان فاسقان، فإن كان فسقهما بغير الكذب والخيانة، فالأولى أنهما أولى من أهل الذمّة، ولو كان فسقهما يتضمن اعتماد الكذب وعدم التحرّز عنه فأهل الذمة أولى» وقال أيضاً: «ولو وجد مسلمان مجهولا العدالة، فهما أولى من شهود أهل الذمة»(3).
ومال إليه في (المسالك)(4).
أقول: الأولوية التي ذكرها متوقفة على القطع بالملاك، وحصوله مشكل جدّاً، لا سيما مع اشتراط العدالة في الكافر الذمّي على مذهبه، كما هو مدلول بعض الأخبار، إذ لا يخفى أن الصالح في مذهبه مقدّم على المسلم الفاسق، لا سيما غير المتحرز عن الكذب.
وإن كان دليل ما ذهب إليه هو الأخذ بعموم التعليل في قوله عليه السلام «لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد»(5) ففيه:
أوّلاً: إن مقتضى عموم التعليل هو القبول في غير الوصية أيضاً، وهذا لا يقول به أحد، اللهم إلاّ أن يقال: بأن في الوصية خصوصية تقتضي القبول وليست في غيرها، وهي موت الشخص الموصي، فإنه إذا لم تقبل الشهادة على وصيته ضاع حقه، ولا طريق آخر إلى إثباته.
وثانياً: إن الإستدلال المذكور يتوقف على كون الجملة المذكورة علّة لا حكمة.
هذا، مع أن صريح الآية الكريمة اشتراط العدالة في الشاهدين المسلمين.
(1) شرائع الإسلام 4 : 126 .
(2) جواهر الكلام 41 : 21.
(3) تذكرة الفقهاء : 2/522 . ( حجري ) ، جواهر الكلام 41 : 21.
(4) مسالك الأفهام 14 : 163 ، جواهر الكلام 41 : 21.
(5) وسائل الشيعة 27 : 390/4 . كتاب الشهادات ، الباب 40.