المسألة الرابعة
(حكم ما إذا ماتت امرأة وابنها
وتنازع زوجها وأخوها في تاريخ موتهما)
قال المحقق قدّس سرّه: «إذا ماتت امرأة وابنها، فقال أخوها: مات الولد أولاً ثم المرأة، فالميراث لي وللزوج نصفان، وقال الزوج: بل ماتت المرأة ثم الولد فالمال لي، قضي لمن تشهد له البينة»(1).
أقول: إذا ماتت امرأة وابنها ولم يعلم سبق أحدهما ولا الاقتران، ووقع النزاع بين زوجها وأخيها، فقال أخوها: مات الولد أولاً ثم ماتت المرأة، فالميراث الحاصل من تركة المرأة بما في إرثها من الولد لي وللزوج، لكلّ نصف، وقال الزوج: بل ماتت امرأة أولاً، فإرثها لي ولولدها، ثم مات الولد من بعدها فالمال كلّه لي، ففي المسألة صور:
الأولى: أن يكون لأحدهما خاصّة بيّنة على ما يدّعيه، ولا إشكال ولا خلاف كما في (الجواهر) في أنه يقضى لصاحب البينة.
الثانية: أن يكون لكليهما بينة، وحينئذ إذا تكافئتا سقطتا بالتعارض، والحكم هو الرجوع إلى القرعة، فمن خرج اسمه حلف وأخذ وإلا اُحلف الآخر، وإن امتنعا قسّم المدّعى به بينهما نصفين.
أي: إنه إن كان الولد قد مات قبل اُمه فيستحق الأخ نصف تركة المرأة، وإن كان قد مات بعدها فلا يستحق شيئاً، فمورد النزاع نصف تركة المرأة، فإذا وقعت القرعة وامتنعا عن اليمين قسّم النصف بينهما نصفين، فيكون للأخ الربع وللزوج ثلاثة أرباع.
والثالثة: أن لا يكون لأحدهما بينة:
قال المحقق: «ومع عدمها لا يقضى باحدى الدعويين، لأنه لا ميراث إلا مع تحقق الحياة، فلا ترث الأم من الولد ولا الابن من أُمه، ويكون تركة الابن لأبيه وتركة الزوجة بين الأخ والزوج»(2).
فظهر أن الحكم في هذه الصورة كون تركة الابن كلّها لأبيه بعد يمين الأب أنه ما مات قبل اُمه، وتكون تركة الزوجة بين الأخ والزوج ـ بعد يمين الأخ أنها ما ماتت قبل ولدها ـ لكلّ منهما نصف، إذ ليس هنا نصف مفروغ عنه للزوج كما في الصورة الثانية حيث أقام كلاهما البينة، لأن اليمين تنفي وارثية الميت من قبل، وليس لازم هذا النفي ـ وهو الموت من بعد ـ أثراً شرعياً، بخلاف البينة هناك فإن لازمها حجة، وهذا هو سرّ الفرق بين الصورتين.
هذا كلّه مع الجهل بتأريخ موتهما.
ولو كان تاريخ موت أحدهما متفقاً عليه بينهما، كأن يكون موت الابن في يوم الجمعة، فيستصحب حياة الاُم حتى يوم السبت فترث الابن وتموت، فهما في تركتها شريكان بالتنصيف، وإن كان العكس يستصحب حياة الابن فيرث اُمه، فإذا مات كان جميع التركة للأب.
ولو علم إجمالاً بتقدم تاريخ موت أحدهما على موت الآخر، فلا يحلّفان حتى ينفى التوارث، بل يقرع لأجل تعيين الوارث.
(1) شرائع الإسلام 4 : 121.
(2) شرائع الإسلام 4 : 121.