الأمر الثالث
في مصاديق الشهادة العادلة
وإن الملاك في الشهادة وقبولها كونها «شهادة عادلة»، ولا تكون الشهادة عادلة إلا إذا جمعت شرائط القبول المقررة في الفقه الجعفري من جميع الجهات: من جهة صفات الشهود، ومن جهة طريق حصول الشهادة، ومن جهة العدد، ومن جهة كون الشهادة شهادة فرع أو أصل، ومن جهة الحالات الطارئة على الشاهد…
أما من جهة الصفات والخصوصيّات التي يعتبر وجودها أو عدم وجودها في كلّ شاهد، فإن الشهادة العادلة هي شهادة المسلم المؤمن العادل غير المتهم الذي لا يجرّ بها نفعاً إلى نفسه، ولا يستدفع بها ضرراً عن نفسه.
ومن فروع ذلك: عدم قبول شهادة رفقة الطريق على اللّصوص، وعدم قبول شهادة الوصي فيما هو وصي فيه، وعدم قبول شهادة السيد لعبده المأذون… إلى غير ذلك مما بحث عنه في الباب الأول من الكتاب.
وأما من جهة طريق حصول الشهادة، فقد تقرر أن الضابط في الشهادة هو «العلم»، ثم بحث علماؤنا عن طريق حصول هذا الضابط، فأي شيء يكفي فيه المشاهدة؟ وأي شيء يكفي فيه السماع؟ وهل يثبت شيء بالشهادة المستندة إلى الإستفاضة؟ أو إلى اليد؟ أو غير ذلك؟ إلى غير ذلك مما بحث عنه في الباب الثاني من الكتاب.
وأمّا من جهة العدد، فإن العدد المعتبر يختلف بحسب اختلاف الموارد وإن كان المعتبر في كلّ مورد لم ينص فيه على عدد خاص هو «شهادة العدلين»، فالشهادة العادلة في مثل السرقة هي شهادة العدلين، وفي مثل الزنا شهادة أربعة رجال، وأمّا شهادة الواحد والامرأتين، والواحد مع يمين المدعي، وشهادة النساء المنفردات، فلا تقبل في حقوق الله مطلقاً. والشهادة العادلة في مثل الطلاق من حقوق الناس هي شهادة العدلين، وفي مثل الدين منها: شهادة العدلين، شهادة الواحد والامرأتين، الواحد ويمين المدعي. وفي مثل الولادة: شهادة العدلين، شهادة الواحد مع الامرأتين، شهادة أربع نسوة، وذلك لأن الولادة مما يعسر أو لا يجوز اطّلاع الرجال عليه غالباً، فقبلت فيها شهادة النساء منفردات. إلى غير ذلك مما بحث عنه في الباب الثالث من الكتاب.
وأمّا من جهة كونها شهادة فرع، فإن الشهادة على الشهادة إنما تكون عادلة فيما إذا كانت واجدة للقوانين المقررة فيها، فإن الشهادة على الشهادة كيف تتحمل؟ ومتى تقبل؟ وفي أي موضع تقبل؟ وممن تقبل؟… إلى غير ذلك مما بحث عنه في الباب الرابع من الكتاب.
وأمّا من جهة الحالات الطارئة على الشاهد، فإن الشهادة العادلة هي الشهادة الواجدة للقوانين المقررة، كما لو شهد الشاهدان فماتا، أو شهدا ثم فسقا، أو شهدا فرجعا… إلى غير ذلك مما بحث عنه في الباب الخامس من الكتاب.