و هل لهما الفسخ؟

و هل لهما الفسخ؟
ثم قال: «ولهما الفسخ والرجوع بالثمنين»(1).
أقول: وجه الفسخ هو دعوى تبعّض الصفقة، وقد عرفت ما فيها، وبناءاً على ما ذكرنا سابقاً، يكون النصف الآخر كالتالف وهو من مال بائعه، وللمشتري المطالبة بنصف الثمن.
وقد جوّز كاشف اللثام(2) الفسخ بشرط عدم الإعتراف بكون التلف بعد القبض. وقد ذكرنا أنه إن كان التلف بعد القبض موجباً للتبعض، بأن تكون البينة كاشفة عن كون العين مستحقة الغير حين العقد كما يقول صاحب (الجواهر)، كان له الفسخ والرجوع، لكن قد عرفت أن ذلك غير تام.
والحاصل: إنه لا يجوز الفسخ، وبناءاً على جوازه لم يجز للآخر أخذ الجميع كما نص عليه المحقق حيث قال: «ولو فسخ أحدهما جاز ولم يكن للآخر أخذ الجميع، لأن النصف الآخر لم يرجع إلى بائعه»(3) لأن المفروض كون النصف الآخر للبائع الثاني.
وحيث يعترف المشتري بكون التلف بعد القبض، لم يكن له خيار الفسخ، لأن المال له والتلف في ماله. نعم، له الفسخ بناءاً على كونه من تبعّض الصفقة.
هذا، وفي (الجواهر): إنه قد يتوهّم من اقتصار المصنف في التعارض على الصورة المزبورة عدمه في غيرها، مع أن الظاهر تحقق ذلك أيضاً في صورة الإطلاق ، إذ هي كغيرها من صور الإطلاقات السابقة، بل وكذا لو أطلقت احداهما وأرّخت الاخرى، بناءاً على عدم الحكم بتأخر مجهول التاريخ عن معلومه، كما حرّر في محلّه(4).
نعم، لو كانا مؤرخين بتأريخين مختلفين، ففيه البحث السابق في تقديم الملك السابق وعدمه.
أقول: قد عرفت في المسألة السابقة قول المحقق قدّس سرّه بالقضاء بالثمنين جميعاً في صورة اختلاف البينتين في التاريخ أو إطلاقهما قال: «لمكان الاحتمال وإمكان الجمع بين البينتين» وقد وافقه صاحب (الجواهر) قدّس سرّه، وأشكل على (المسالك) القائل بالتعارض والحكم بالتنصيف أخذاً بالقدر المتيقن وأن الأصل براءة المشتري.
يعنى: إنه إن كان الجمع ممكناً فهو أولى، لكنه يكون في صورة كون الشهادتين مبيّنتين، أما مع إجمالهما فلا ـ فيكون نظير ما إذا قامت البينة على أن أحد هذين الشخصين هو المتلف لمال لزيد، فإنه يجري في حق كلّ منهما أصالة البراءة، فلا يلزم أحدهما بشيء ـ وحيث يكون مجملاً يؤخذ بالمتيقن ويجري الأصل في غيره… فأشكل عليه في (الجواهر) بأن البينة ظاهرة في التعدد، والأصل تعدد المسبب بتعدد سببه…
فقوله هنا بأن الظاهر تحقّق ذلك أيضاً في صورة الإطلاق، ينافي ما ذكره هناك، فما عبّر عنه بالتوهّم هو الصحيح.
ولو شهدت احداهما بوقوع البيع يوم الخميس، والاخرى بوقوعه يوم الجمعة، فالمتأخر باطل إن كان البيع واحداً، وإلا، فإن أمكن الجمع فهو، وإلا كان الثاني باطلاً.
ثم إنه يلزم أن تكون الشهادة على الملك، ولذا لا تسمع دعوى الشراء من زيد حتى لو أقام البينة، بل يلزم أن تكون الدعوى والشهادة كلتاهما مشتملتين على شراء العين منه وأنها ملك له، إذ يجوز ـ في مفروض المسألة هنا ـ أن يكون قد اشترى أحدهما العين للآخر وأن يكون باعها أحد البائعين وكالةً عن الآخر أو فضولاً، وهذا ما ذكره العلامة في (القواعد) والشهيد الثاني في (المسالك) قال: وسيأتي اختيار المصنف إيّاه وكأنه تركه هنا اتّكالاً عليه… وبالجملة، إنه يشترط أن يكون المدّعى والمشهود به هو الشراء من المالك، سواء ثبتت ملكية البائع باليد أو بالبينة(5)…

(1) شرائع الإسلام 4 : 115.
(2) كشف اللثام 10 : 220.
(3) شرائع الإسلام 4 : 115.
(4) جواهر الكلام 40 : 470.
(5) هذا إشارة إلى عبارة المسالك ، مسالك الأفهام 14 : 112 . التي أوردها صاحب الجواهر وقال بأنها تطويل بلا طائل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *