هل يشترط الرضا بعد القرعة؟
قال المحقق قدّس سرّه : «والمنصوب من قبل الإمام تمضى قسمته بنفس القرعة، ولا يشترط رضاهما بعده»(1).
أقول: لا خلاف ولا إشكال في ذلك، لما تقدم من تحقق الولاية له من جهة كونه منصباً، فيكون تقسيمه نافذاً مطلقاً، كما ينفذ حكم الحاكم في حق المتخاصمين.
قال: «وفي غيره يقف اللزوم على الرضا بعد القرعة. وفي هذا إشكال، من حيث أن القرعة وسيلة إلى تعيين الحق وقد قارنها الرضا»(2).
أقول: إنما الكلام في القاسم الذي رضيا بتقسيمه، ففي اشتراط رضاهما بعد القرعة قولان، ودليل الاشتراط هو: أن كلاً منهما يريد التصرف في السهم الذي وقع له، فلابدّ من رضاهما معاً بالتقسيم والقرعة بعدها حتى يجوز لهما التصرف، لأن ذلك هو القدر المتيقن، ولا يوجد إطلاق يؤخذ به في المقام. ودليل العدم هو: إن المفروض رضاهما بالقرعة، وهذا الرضا يكفي لجواز التصّرف، لأن «الناس مسلطون على أموالهم».
أقول: إن كان دليل السلطنة: «الناس مسلطون على أموالهم» مشرّعاً جاز التمسك به لعدم الإشتراط، وإن لم يكن مشرّعاً بل كان مفاده سلطنة المالك على ملكه وجواز تصرفه فيه بأنحاء التصرف في حدود الشرع المعينة من قبل الشارع فلا، لأن القدر المتيقن من الأدلة الشرعية لجواز التصرف حينئذ صورة الرضا بعد التقسيم والقرعة.
هذا، ولكن بناءاً على ما تقرر من كون القسمة من الامور التي بها يفرز المال المشاع وتزال الشركة، فإنه يلزم رضى الشريكين، ويشترط كون القرعة بطيب النفس، وحيث كانت كذلك فلا لزوم للرضا بعد تحقق القرعة، فيكون القسمة كسائر المعاملات من هذه الجهة، ففي البيع مثلاً يشترط شروط، وحيث أُجريت صيغة البيع بشروطها لا يشترط أن يقول كلّ من المتبايعين بعدها: رضيت، إذ لا دليل عليه، فالإشكال الذي ذكره المحقق قدّس سرّه وارد، والأقوى هو القول بعدم اشتراط الرضا بالقرعة بعدها.
(1) شرائع الإسلام 4 : 100 ـ 101.
(2) شرائع الإسلام 4 : 100 ـ 101.