قصر العمل بالكتاب على حقوق الناس:
قال المحقق: «إذا عرفت هذا، فالعمل بذلك مقصور على حقوق الناس دون الحدود وغيرها من حقوق الله»(1).
أقول: وعلى هذا، فلو أراد الحاكم الثاني الحكم بالحدّ توقّف على ثبوت موجبه عنده، بحسب الموازين الشرعية المقررة للثبوت بالنسبة إلى كلّ موجب للحدّ، ولا يكفي ثبوته عند الحاكم الأول لأن يحكم به، نعم له إجراء الحدّ بعنوان تنفيذ حكم الأوّل، فإن للحاكم الأول إجراء الحدّ بنفسه أو يأمر غيره به مجتهداً كان المأمور أو مقلداً.
ودليل هذا القصر هو الإجماع، وقوله عليه السلام: «الحدود تدرأ بالشبهات».
وقد أشكل على الاستدلال بالخبر المذكور بأنه لا شبهة مع قيام البينة المعتبرة، فلا يدرء الحد.
ويمكن دفعه: بأن البينة قامت عند الحاكم الأول، وقيامها تقتضي إلغاءه الشك والشبهة، وأما الحاكم الثاني فلم تقم عنده البينة، فالشبهة باقية بالنسبة إليه، فليس له الحكم.
(1) شرائع الإسلام 4 : 97.