في إجزاء القاسم الواحد وعدمه:
قال المحقق قدّس سرّه: «ويجزئ القاسم الواحد إذا لم يكن في القسمة ردّ، ولابدّ من اثنين في قسمة الردّ، لأنها تتضمّن تقويماً، فلا ينفرد الواحد به، ويسقط اعتبار الثاني مع رضا الشريك»(1).
أقول: أما في صورة عدم اشتمال القسمة على ردّ، فلا خلاف في كفاية القاسم الواحد، لتحقق القسمة به كما يتحقق البيع بالواحد، سواء كان القاسم منصوباً من قبل الحاكم أو كان منصوباً من قبل الشريكين بأن يوكّلاه في ذلك، وأما صورة اشتمالها على ردّ، فقد ذكر المحقق أنه «لابدّ من اثنين».
وفي (المسالك): القسمة إن اشتملت على رد فلا إشكال في اعتبار التعدّد في القاسم حيث لا يتراضى الشريكان بالواحد، لأن التعدد يشترط في المقوم مطلقاً من حيث أنها شهادة(2).
وقد أشكل في (الجواهر) على ذلك بوجوه:
الأول: ما سمعته من نصب علي عليه السلام قاسماً واحداً.
الثاني: إن التقويم غير منحصر في قسمة الردّ، فإن كثيراً من الأموال المشتركة المختلفة كالحيوانات ونحوها لا تقسم إلا بالتقويم وإن لم يكن فيها رد.
الثالث: إن التقويم لا مدخليّة له في القسمة وإنما هو من مقدّماتها(3).
قلت: إن اطمأن الشريكان بأنه قد قسم بالعدل من جميع الجهات كفى القاسم الواحد، ولا حاجة إلى التقويم، سواء كانت القسمة عقداً أو إيقاعاً أو حكماً، على اختلاف الوجوه والأقوال ـ وإن كان كونها بالعقد أشبه ـ ولعلّه من هذه الجهة لم ينقل احتياج قاسم أمير المؤمنين عليه السلام إلى المقوم، ولذا لو قسم أحدهما برضا الآخر كفى، نظير ما ذهب إليه بعضهم من جواز تولّي الواحد لإجراء عقد النكاح وكالةً عن الزوجين، فإن قسّم القاسم وشك في كونه بالعدل، وذكر أنه قد قسم بالعدل، كان قوله متضمناً للشهادة، فلابدّ من شاهد آخر معه، ولعلّ ذهاب المحقق والجماعة إلى لزوم التعدّد في صورة الاشتمال على الردّ، هو من جهة أن الغالب في مثل ذلك وقوع الإحتياج إلى التقويم، ومع عدمه أجزأ القاسم الواحد.
(1) شرائع الإسلام 4 : 101.
(2) مسالك الأفهام 14 : 27.
(3) جواهر الكلام 40 : 332 ـ 333.