طريق ثبوت الإيمان في الشاهد
قال المحقق قدّس سرّه: «ويثبت الإيمان بمعرفة الحاكم أو قيام البيّنة أو الإقرار»(1).
أقول: قال في (المسالك): مرجع الثلاثة إلى الإقرار، لأن الإيمان أمر قلبي لا يمكن معرفته إلاّ من معتقده بالإقرار، ولكن المصنف اعتبر الوسائط بينه وبين المقر(2).
وأشكل عليه في (الجواهر) بقوله: وفيه: إنه وإن كان أمراً قلبياً، لكن له آثار ولوازم يمكن بها معرفته بدون الإقرار، كما هو مشاهد في كثير من الناس، بل السيرة القطعية عليه، كغيره من الامور الباطنة، ولهذا قال المصنف ما سمعت، لا لما ذكره، والأمر سهل(3).
قلت: لكن هنا بحث آخر وهو: إنه إذا كان الإقرار من شرائط الإيمان، وأنه إذا لم يقر فليس بمؤمن، فإن الآثار لا تترتب وإن كان الإيمان الباطني معلوماً بآثاره، كما أنه إذا جحد بلسانه عدّ كافراً وإن كان مستيقناً قلبه. نعم، لو كان الإيمان هو الإعتقاد الباطني فحسب، أمكن ترتيب الأثر عليه مع العلم به بآثاره.
وأما إذا كان الإقرار شرطاً للإيمان أو جزءاً، كان مرجع الامور الثلاثة إلى الإقرار كما ذكر الشهيد الثاني، فإن أقرّ وعلم بعد اعتقاده الباطني كان منافقاً، وتجري في حقّه أحكام الإسلام دون الإيمان، وإن أقرّ ولم يعلم بعدم اعتقاده ولم يكن متّهماً في إقراره، كان إقراره طريقاً إلى معرفة اعتقاده، وترتب أحكام الإيمان من قبول الشهادة ونحوه وإن لم يكن هناك شيء من آثار الإيمان. وعلى هذا، فلو أقرّ ووجد منه آثار الصدق والخير فلا حاجة إلى البيّنة.
فتلخّص: قبول شهادة المؤمن الجامع لشرائط القبول على جميع الناس ولجميع الناس، ويدلّ عليه بالإضافة إلى الإجماع طائفة من الأخبار.
وفي (الجواهر) إن لقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ)(4) إشعاراً بذلك(5).
أي: إن الآية الكريمة وإن كانت ناظرة إلى شأن هذه الاُمّة في الآخرة كما في بعض الأخبار ـ(6) إلا أن ذلك لا ينافي الاستفادة منها لما نحن فيه، ولذا قال: إن فيها إشعاراً به.
وأما الكافر الحربي، فلا تقبل شهادته على أحد ولو كان من أهل ملّته، فضلاً عن المسلمين، للإجماع.
(1) شرائع الإسلام 4 : 126.
(2) مسالك الأفهام 14 : 164.
(3) جواهر الكلام 41 : 21.
(4) سورة البقرة 2 : 143.
(5) جواهر الكلام 41 : 22.
(6) الكافي 1 : 146/2 و147/4 . باب إن الأئمة شهداء الله على خلقه.