صورة الإنهاء:
قال المحقق قدّس سرّه: «وصورة الإنهاء: أن يقص الشاهدان ما شاهداه من الواقعة، وما سمعاه من لفظ الحاكم، ويقولا: وأشهدنا على نفسه أنه حكم بذلك وأمضاه، ولو أحالا على الكتاب بعد قراءته وقالا: أشهدنا الحاكم فلان على نفسه أنه حكم بذلك، جاز»(1).
أقول: أي إن تحقق الإنهاء يكون بشرح الشاهدين كلّ ما شاهداه من الواقعة في مجلس الحكم، من حضور المتخاصمين ودعوى المدّعي وإنكار المدّعى عليه ثم إقامة الأول البيّنة على دعواه، ثم بحكاية لفظ الحكم الذي أصدره الحاكم والتصريح بإشهاده إيّاهما على حكمه.
ويقوم مقام هذا كلّه إحالتهما الحاكم الثاني على الكتاب الذي كتبه الحاكم الأول بالواقعة بعد قراءته وأن يقولا: أشهدنا الحاكم أنه حكم بذلك.
قال المحقق: «ولابدّ من ضبط الشيء المشهود به بما يرفع الجهالة عنه، ولو أشتبه على الثاني أوقف الحكم حتى يوضّحه المدّعي»(2).
أقول: هذا من شرائط الإنهاء بالشهادة، فلابدّ من أن يكون الأمر الذي يشهدان به مضبوطاً من الشاهدين معيناً بجميع جهاته وشئونه بحيث ترتفع الجهالة عنه، فلو كان مورد الدعوى غصب مال مثلاً وأرادا الشهادة بذلك، لزم أن يكونا عالمين بخصوصيات الواقعة، من زمان الغصب ومكانه وغير ذلك بحيث ترتفع الجهالة، وإلا لم يسمع الثاني شهادتهما، بل يجب عليه إيقاف الحكم إلى أن يتضح الأمر و يرتفع الإشتباه.
ولا خصوصيّة لتوضيح المدّعي ـ وإن قال المحقق: «حتى يوضّحه المدّعي»(3) ـ بل يكفى وضوحه من أينما كان، نعم، بما أن المدّعي هو الذي يدّعي شيئاً ويطلب من الحاكم النظر في دعواه، فهو المخاطب بإثبات ما يدّعيه بطريق شرعي، كشهادة غير الأولين على تفصيله أو تذكرهما أو نحو ذلك.
وهل يعتبر في الإنهاء كونه إلى قاض معين أو يكفي توجّه الكتاب إلى مطلق القضاة؟ حكي الأول عن بعض العامة، وفيه: إنه لا وجه لهذا التقييد، بل إن البينة حجة وإن لم يكن معها كتاب مطلقاً، فلا يختص الإنفاذ بالمكتوب إليه.
(1) شرائع الإسلام 4 : 98.
(2) شرائع الإسلام 4 : 99.
(3) شرائع الإسلام 4 : 99.