صفات القاسم:
«ويشترط فيه البلوغ وكمال العقل والإيمان والعدالة»(1).
أقول: لا شبهة ولا خلاف في اشتراط كونه بالغاً عاقلاً، إذ لا عبرة بأفعال الفاقد للبلوغ والعقل، كما لاريب ولا خلاف في اعتبار الإيمان والعدالة فيه، لأن صاحب هذا المنصب ذو ولاية، وقد قال الله عزوجل: (لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(2).
قال: «والمعرفة بالحساب»(3).
أقول: وكذا نحوه مما تحتاج إليه القسمة غالباً.
قال: «ولا يشترط الحرية»(4).
أقول: ظاهر (الجواهر) الإجماع على عدم اشتراط الحريّة في القاسم، فيجوز أن يتولى ذلك العبد الجامع للشرائط المعتبرة بإذن المولى(5).
قالوا: ويشترط فيه القصد، بأن يقسم المال ويفرز الحقوق مع القصد والإنشاء، كما يصدر الحاكم الحكم كذلك.
قال: «ولو تراضى الخصمان بقاسم لم تشترط العدالة»(6).
أقول: أما بناءاً على عدم كون القسمة منصباً من المناصب، فإنه حيث يريد القاسم القسمة الإجبارية، فإن القدر المتيقن من القسمة النافذة قسمة المؤمن العدل ، ولا يوجد عندنا اطلاق لنتمسك به لأجل نفوذ قسمة مطلق القاسم، وأما قاسم الإمام ففي الخبر إنه كان من شرطة الخميس وكان مبشّراً بالجنة.
وأما إذا كان القاسم معيّناً من قبل الشريكين، فلا حاجة إلى العدالة والإيمان، إذ المفروض رضاهما بما يفعله ـ كما لهما أن يقتسما المال بأنفسهما ـ نعم، لابدّ من كون القاسم الذي يتراضيان بتقسيمه مكلّفاً، لأن عمل الصغير لم يمضه الشارع في مورد.
وقيل: لا مانع من أن يتصدى الصغير عملاً من باب المقدمة للتقسيم، كأن يكون أداة ووسيلة لذلك.
وفيه: إنه لا يتحقق الإفراز إلا بالتقسيم والقرعة، فالذي يفرز المشاع هو نفس التقسيم، وبالقرعة يتعين حق كلّ واحد من الشريكين، فالتقسيم إذاً عمل يترتب عليه أثر، فلا يجوز أن يقوم به الصغير، ولا يتصور عمل آخر غير التقسيم والقرعة ليكون مقدمة يجوز قيام الصغير به.
إذن، لابدّ من كونه مكلّفاً بالبلوغ والعقل، ولكن لا يشترط فيه الايمان والعدالة، قال المحقق: «وفي التراضي بقسمة الكافر نظر، أقربه الجواز، كما لو تراضيا بأنفسهما من غير قاسم»(7).
أقول: وما قرّبه هو الأقوى، فإنه لا مانع من أن يتصدّى الكافر ذلك في صورة كونه معيناً منهما، وليس للقاسم سلطنة حتى يمنع، عملا بقوله تعالى: (وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا)(8).
نعم، فيما قيل إنه منصب من المناصب الشرعية كالقضاء مثلاً، وقيل إن له ولاية على المقتسمين، فلابدّ له من الإيمان والعدالة، ويكون نصبه من قبل الامام عليه السلام أو نائبه الخاص أو العام أدام الله وجود نوّابه في الأنام.
(1) شرائع الإسلام 4 : 100.
(2) سورة البقرة 2 : 124.
(3) جواهر الكلام 40 : 100.
(4) جواهر الكلام 40 : 100.
(5) جواهر الكلام 40 : 327.
(6) شرائع الإسلام 4 : 100.
(7) شرائع الإسلام 4 : 100.
(8) سورة النساء 4 : 141.