حكم ما لو لم تكن البينة كاملة
قال المحقق: «ولو لم تكن البينة كاملة وشهدت أنها لا تعلم وارثاً غيرهما، أُرجئ التسليم حتى يبحث الحاكم عن الوارث مستقصياً بحيث لو كان وارث لظهر»(1).
أقول: إن كانت البينة كاملة دفعت الدار إلى ذي الحق، ولو لم تكن كاملة اُرجي تسليم الدار حتى يبحث الحاكم عن الوارث مستقصياً بحيث لو كان لبان، ولا يرجع إلى أصالة عدم الوارث، لأن هذا الأصل لا يفيد انحصار الوارث بالحاضر في الظاهر، قال في (الجواهر): «على أن قاعدة الضرر الحاصل بضمان من في يده المال لو ظهر بعد ذلك معارضة له، فأصل البراءة من وجوب الدفع إلى هذا الحاضر الذي لم يعلم انحصار الوارث فيه بحاله»(2).
قال المحقق: «وحينئذ يسلّم إلى الحاضر نصيبه ويضمنه استظهارا»(3).
أقول: إن الغرض من تضمين الحاضر هو الاستظهار والإطمينان ببقاء حق الوارث المحتمل وإمكان دفعه إليه لو ظهر، وعلى هذا، فلا موضوعية للتضمين، فلو كان الوارث الحاضر موثقاً وكان مليّاً فلا حاجة إلى التضمين.
وليس المراد من إرجاء التسليم عدم جوازه، حتى يستشكل بأن الأصل عدم الوارث، بل المراد عدم وجوبه لئلا يتضرر ذو اليد لو ظهر الوارث، وعلى هذا، فلو شاء أن يسلّم إلى الحاضر كان له ذلك، نعم، إذا كان الغرض حفظ حق الوارث المحتمل لم يجز له الدفع إلا مع التضمين أو الوثوق.
وقد يناقش: بأن المفروض سقوط ذي اليد عن الأمانة بإنكاره دعوى الوارث الحاضر، فلو لم تسلّم الدار إلى الحاضر بالبيّنة والأصل وجب عليه تسليمها إلى الحاكم، فلا وجه لإبقائها في يده على كلّ حال.
على أن جواز تسليمه الدار إلى الحاضر ـ كما في (الجواهر) ـ يعني قيام الحجة الشرعية على مالكيته، فسواء اُريد من إبقائها دفع الضرر عن ذي اليد أو عن الوارث المحتمل يجب انتزاع الدار من يده، وأما إذا لم تتم الحجة للوارث الحاضر فلا يجوز تسليم شيء إليه حتى مع التضمين.
هذا كله إذا لم يكن الوارث الحاضر ذا فرض.
وأما إذا كان ذا فرض لا ينقص عن فرضه على كلّ تقدير، كالزوجة مع الابن ، فإنّ لها الثمن سواء كان للابن المذكور أخ أو وارث آخر أولا، فلا إشكال في وجوب دفع نصيبه تامّاً إليه: قال المحقق: «ولو كان ذا فرض اُعطي مع اليقين بانتفاء الوارث نصيبه تاماً، وعلى التقدير الثاني يعطيه اليقين إن كان وارث، فيعطى الزوج الربع»(4) أي: لاحتمال وجود ولد منها «والزوجة ربع الثمن» أي: لاحتمال وجود زوجات له ثلاثة، ويكون الإعطاء «معجلاً من غير تضمين وبعد البحث يتم الحصة التضمين»(5).
(1) شرائع الإسلام 4 : 121.
(2) جواهر الكلام 40 : 510.
(3) شرائع الإسلام 4 : 121.
(4) شرائع الإسلام 4 : 121.
(5) شرائع الإسلام 4 : 121.